للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وصفاته وأفعاله الواردة في الكتاب والسنة. والعمل الإرادي، وذلك باتباع الأوامر واجتناب النواهي وفق ما شرعه الله في كتابه وعلى لسان رسوله صلى الله عليه وسلم.

ولذلك كان كلامهم وعملهم باطنًا وظاهرًا بعلم، وكان كل واحد من قولهم وعملهم مقرونًا بالآخر، وهؤلاء هم المسلمون حقًّا؛ الذين سَلِموا من آفات منحرفة المتكلمة والمتصوفة.

فوقعت كل طائفة من هاتين الطائفتين المنحرفتين في مفسدتين:

إحداهما: القول بلا علم إن كان متكلمًا، والعمل بلا علم إن كان متصوفًا.

والمفسدة الثانية: فوت المتكلم العمل، وفوت المتصوف القول والكلام (١).

وهو ما وقع من البدع الكلامية والعملية المخالفة للكتاب والسنة.

فالكلاميون: غالب نظرهم وقولهم في الثبوت والانتفاء، والوجود والعدم، والقضايا التصديقية؛ فغايتهم مجرد التصديق والعلم والخبر؛ فاعتنوا بجانب علمي لم يَنْبَنِ على الكتاب والسنة؛ لذلك عَطَّلوا أسماء الله -عز وجل-، وعَطَّلوا صفاتِه -سبحانه وتعالى-.

وعندما عَرَّفوا التوحيد؛ قالوا: «واحد في ذاته، وواحد في صفاته، وواحد في أفعاله». وأهملوا جانب توحيد العبادة: «واحد في ذاته» قالوا: «لا شريكَ له». و «واحد في صفاته»: «لا نظير له». و «واحد في أفعاله»: «لا نِدَّ له». فهذا تقسيمهم للتوحيد (٢)، ويُلاحظ أنه قد خلا في هذه الثلاثة من الجانب العملي، فلا يوجد عمل، ثم إذا تحدثوا عن ذات الله تعالى تحدثوا بالتعطيل؛ فقالوا بما قالوا: «ليس في جهة، ولا في عُلو، ولا في مكان، ولا


(١) «مجموع الفتاوى» (٢/ ٤١) بتصرف.
(٢) انظر: «المِلل والنِّحَل» للشهرستاني (١/ ٤٢)، مؤسسة الحلبي.

<<  <   >  >>