للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

صلاحه وفلاحه في معاشه ومعاده؛ لأنَّه خرج عن فطرته التي خلق عليها، فنسي ربَّه فأنساه نفسه وصفاتها وما تكمل به وتزكو به وتسعد به في معاشها ومعادها؛ قال تعالى: {وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً}، فغفل عن ذكر ربه؛ فانفرط عليه أمره وقلبه، فلا التفات له إلى مصالحه وكماله وما تزكو به نفسه وقلبه، بل هو مُشتت القلب مُضيعه، مفرط الأمر حيران لا يهتدي سبيلًا.

فالعِلم بالله أصل كل علم، وهو أصل علم العبد بسعادته وكماله ومصالح دنياه وآخرته، والجهل به مُستلزم للجهل بنفسه ومصالحها وكمالها وما تزكو به وتفلح به، فالعلم به سعادة العبد والجهل به أصل شقاوته (١).

رابعًا: معرفة أسماء الله وصفاته أصل عظيم في منهج السلف:

معرفة أسماء الله وصفاته هي الأساس الذي يَنبني عليه عمل العبد، ومن خلالها تتحدد العلاقة التي تربط العبد بربه، وعلى ضوئها يَعبد المسلم ربَّه، ويتقرب إليه.

قال شيخُ الإسلام ابنُ تيمية -رحمه الله-: «وأصلُ الإيمان: قولُ القلب الذي هو التَّصديق. وعمل القلب الذي هو المحبة على سبيل الخضوع؛ إذ لا مُلائمة لأرواح العباد أتم من ملاءمة إلهها؛ الذي هو الله الذي لا إله إلا هو».

ولذلك كان منهج السلف يقوم على أمرين؛ هما:

١ - العلم بالله.

٢ - والعمل لله.

فجمعوا بذلك بين التصديق العِلمي والعَمل الحُبِّي، وبذلك تميز منهج أهل السنة والجماعة (السلف) عن المناهج الأخرى.

وحققوا كِلا الأمرين؛ من القول التصديقي المعتمد على معرفة أسماء الله


(١) «مفتاح دار السعادة» (١/ ٨٦).

<<  <   >  >>