وفي معنى اليد في قوله تعالى:{بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَان}: النعمة والقدرة.
وفي معنى المجيء في قوله تعالى:{وَجَاءَ رَبُّكَ}: وجاء أمر ربك. وأشباه ذلك.
وقد ذَكر الله التحريف وذَمَّه حيث ذكره، وهو مأخوذ في الأصل عن اليهود؛ فهم الراسخون فيه، وهم شيوخ المُحَرِّفين وسلفهم، فإنهم حرفوا كثيرًا من ألفاظ التوراة، وما غُلِبوا عن تحريف لفظه حَرَّفوا معناه، و لهذا ذمَّ الله تعالى اليهود- دون غيرهم من الأمم- على تحريفهم، وبَيَّن أنهم بتحريفهم مِنْ أبعد الناس عن الإيمان؛ فقال:{أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ}، وقال تعالى:{مِنَ الَّذِينَ هَادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا} الآية.
وقد درج على آثارهم الرَّافضة، فهم أشبه بهم من القذة بالقذة، وكذلك الجهمية، فإنهم سلكوا في تحريف النصوص مسالك إخوانهم في اليهود (١).
وأصحاب تحريف الألفاظ شَرٌّ مِنْ أصحاب تحريف المعنى من وجه.
وأصحاب تحريف المعنى شَرٌّ من أصحاب تحريف اللفظ من وجه.
فأصحاب تحريف اللفظ عَدلوا باللفظ والمعنى جميعًا عما هما عليه؛ فأفسدوا اللفظ والمعنى، بينما أصحاب تحريف المعنى أفسدوا المعنى وتركوا اللفظ على حاله؛ فكانوا خيرًا من أولئك من هذا الوجه.
فأصحاب تحريف اللفظ لما أرادوا المعنى الباطل حَرَّفوا له لفظًا يَصلح له؛ لئلا يتنافر اللفظ والمعنى، بحيث إذا أُطلق ذلك اللفظ المحرف فُهِم منه المعنى المحرف؛ فإنهم رأوا أن العدول بالمعنى عن وجهه وحقيقته مع بقاء