للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

اللفظ على حاله مما لا سبيل إليه، فبدأوا بتحريف اللفظ؛ ليستقيم لهم حكمهم على المعنى الذي قصدوا (١).

وأما كون أصحاب تحريف المعنى شرًّا من أصحاب تحريف اللفظ من وجه، فلأن تحريف المعنى هو الأكثر استعمالًا عند أصحاب التحريف، ولأنه أسهل رَوَاجًا وسوقًا عند الجهلة والعوام من الناس، فيَفتتن به مَنْ ليس لديه زادٌ من العلم الصحيح المعتمد على الكتاب والسنة وفهم سلف الأمة.

فالسلف يعتقدون أن الواجب في نصوص القرآن والسنة بما في ذلك نصوص الأسماء والصفات هو إجراؤها على ظاهرها، وذلك بأن تُفهم وَفق ما يقتضيه اللسان العربي، وأن لا يُتعرض لها بتحريف أو تعطيل كما فعل المعطلة، الذين تلاعبوا بظواهر النصوص لمجرد أنَّها خالفت باطلهم ومناهجهم الفاسدة (٢).

فنصوص الصفات ألفاظ شرعية يجب أن تُحفظ لها حُرمتها، وذلك بأن نفهمها وَفق مراد الشارع؛ فلا نتلاعب بمعانيها لنصرفها عن مراد الشارع.

فمن الأصول الكلية عند السلف أن الألفاظ الشرعية لها حرمتها، ومِن تمام العلم أن يُبحث عن مراد الله ورسوله بها ليُثبت ما أثبته الله ورسوله من المعاني، ويُنفى ما نفاه الله ورسوله من المعاني (٣).

وبحمد الله وفضله نجد أن نصوص الصفات الواردة في القرآن والسنة هي من الوضوح والكثرة بمكان، بحيث يستحيل تأويلها والتلاعب بنصوصها، فلقد جاءت رسالة النبي صلى الله عليه وسلم بإثبات الصفات إثباتًا مفصَّلاً على وجهٍ أزال الشبهة وكشف الغطاء، وحصل به العلم اليقيني، ورفع الشك والريب؛ فثلجت به الصدور، واطمأنت به القلوب، واستقر الإيمان في نصابه، فلقد فَصَّلت


(١) «مختصر الصواعق» (٢/ ١٤٧، ١٤٨).
(٢) «درء تعارض العقل والنقل» (٢/ ٣٠١).
(٣) «مجموع الفتاوى» (١٢/ ١١٣، ١١٤) بتصرف.

<<  <   >  >>