إذا تقرر هذا فظاهر نُصوص الصفات ما يَتبادر منها إلى الذهن من المعاني.
وقد انقسم الناس فيه إلى ثلاثة أقسام:
القسم الأول: مَنْ جعلوا الظاهر المتبادر منها معنى حقًّا يليق بالله عز وجل، وأبقوا دلالتها على ذلك، وهؤلاء هم السَّلف الذين اجتمعوا على ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، والذين لا يَصْدُقُ لقبُ أهل السنة والجماعة إلَّا عليهم.
وقد أجمعوا على ذلك، كما نقله ابن عبد البر فقال:«أهل السنة مجمعون على الإقرار بالصفات الواردة كلها في القرآن والسُّنَّة، والإيمان بها، وحملها على الحقيقة لا على المجاز، إلا أنهم لا يُكَيِّفون شيئًا من ذلك، ولا يحدون فيه صفة محصورة». اهـ.
وقال القاضي أبو يعلى في كتاب «إبطال التأويل»: «لا يجوز رد هذه الأخبار، ولا التشاغل بتأويلها، والواجب حملها على ظاهرها، وأنها صفات الله لا تُشبه صفات سائر الموصوفين بها من الخلق، ولا يعتقد التشبيه فيها، لكن على ما رُوِيَ عن الإمام أحمد وسائر الأئمة». اهـ نَقَلَ ذلك عن ابن عبد البر والقاضي شيخُ الإسلام ابن تيميه في «الفتوى الحموية»(ص ٨٧ - ٨٩، ج ٥) من «مجموع الفتاوى» لابن القاسم.
وهذا هو المذهب الصحيح والطريق القويم الحكيم، وذلك لوجهين:
الأول: أنه تطبيق تام لما دل عليه الكتاب والسُّنَّة من وجوب الأخذ بما جاء فيهما من أسماء الله وصفاته، كما يُعلم ذلك من تَتبعه بعِلم وإنصاف.