وما لزم الصفة من جهة اختصاصه تعالى بها فإنَّه لا يثبت للمخلوق بوجهٍ؛ كعلمه الذي يلزمه القِدَم والوجوب والإحاطة بكلِّ معلوم، وقدرته وإرادته وسائر صفاته، فإنَّ ما يختص به منها لا يُمكن إثباته للمخلوق.
فإذا أحطت بهذه القاعدة خُبرًا وعَقَلْتَها كما ينبغي- خَلصت من الآفتين اللتين هما أصل بلاء المتكلمين:
١ - آفة التعطيل. ٢ - وآفة التشبيه.
فإنك إذا وَفَّيت هذا المقام حقَّه من التصور أَثْبَتَّ لله الأسماء الحسنى والصفات العُلى حقيقة؛ فخلصت من التعطيل، ونَفيت عنها خصائص المخلوقين ومُشابهتهم، فخلصت مِنْ التشبيه؛ فتدبر هذا الموضع واجعله جُنَّتك التي تَرجع إليها في هذا الباب، والله الموفق للصَّواب» (١).
ومن كلام شيخ الإسلام في هذا الموضوع قوله:«سَمَّى الله نفسه بأسماء وسَمَّى صفاته بأسماء، وكانت تلك الأسماء مختصة به إذا أُضيفت إليه لا يُشركه فيها غيره».
وسَمَّى بعض مخلوقاته بأسماء مختصة بهم مضافة إليهم، تُوافق تلك الأسماء إذا قُطعت من الإضافة والتخصيص.
ولم يلزم من اتفاق الاسمين وتماثل مُسَمَّاهما واتحاده- عند الإطلاق والتجريد عن الإضافة والتخصيص- اتَّفاقُهما، ولا تماثل المسمى عند الإضافة والتخصيص؛ فضلاً عن أن يتحد مُسَمَّاهما عند الإضافة والتخصيص.
فقد سَمَّى الله نفسه حيًّا فقال:{اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ}، وسَمَّى بعض عباده حيًّا؛ فقال:{يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيّ}.