للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وليس هذا الحي مثل هذا الحي؛ لأن قوله: (الحي) اسم لله مختص به، وقوله: {يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ} اسم للحيِّ المخلوق مختصٍّ به.

وإنما يتفقان إذا أُطلقا وجُرِّدا عن التخصيص، ولكن ليس للمطلق مسمى موجود في الخارج، ولكن العقل يَفهم من المطلق قدرًا مشتركًا بين المُسميين.

وعند الاختصاص: يُقَيَّد ذلك بما يتميز به الخالق عن المخلوق والمخلوق عن الخالق.

ولابد مِنْ هذا في جميع أسماء الله وصفاته، يُفهم منها ما دل عليه الاسم بالمواطأة والاتفاق، وما دل عليه بالإضافة والاختصاص المانعة من مشاركة المخلوق للخالق في شيء من خصائصه سبحانه وتعالى.

وكذلك سَمَّى الله نفسه: {عَلِيمًا حَلِيمًا}، وسَمَّى بعض عباده (عليمًا)؛ فقال: {وَبَشَّرُوهُ بِغُلامٍ عَلِيمٍ} يعني إسحاق، وسمى آخر (حليمًا)، {فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلامٍ حَلِيمٍ}، يعني إسماعيل؛ وليس العليم كالعليم، ولا الحليم كالحليم.

وسَمَّى نفسه (سميعًا بصيرًا)؛ فقال: {إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعاً بَصِيراً}، وسمى بعض عباده (سميعًا بصيرًا)؛ فقال: {إِنَّا خَلَقْنَا الْإَنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعاً بَصِيراً}، وليس السميع كالسميع ولا البصير كالبصير …

وكذلك سَمَّى صفاتِه بأسماء، وسَمَّى صفات عباده بنظير ذلك، فقال: {وَلا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ}، {أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ}، وقال: {إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ}، {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّة}، وسمى صفة المخلوق علمًا وقوة: {وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلاً}، {وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ}، وقال: {فَرِحُوا بِمَا عِنْدَهُمْ مِنَ الْعِلْمِ}، وقال: {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ

<<  <   >  >>