للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والسنة، وكان لا بد من فهم للحقِّ حتى يُتَّبع، ولا بد من معرفة للباطل حتى يُجتنب.

فباب الأسماء والصفات من أكثر الأبواب خطورة ومَزلة؛ من جهة كونه محل خلافات شديدة ومعقدة دارت رحاها بين علماء السلف من جهة والفلاسفة وأهل الكلام والمُشبهة من جهة أخرى.

فمن واجب طالب العلم: أن يَتعمق في فهم الحق المَبني على الكتاب والسنة؛ قال تعالى: {وَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ}، فالرد إلى الله يكون بالرد إلى كتابه، والرد إلى الرسول بعد وفاته يكون بالرد إلى سنته صلى الله عليه وسلم، وقد قال تعالى: {أَأَنْتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللَّه}، فالله أعلم بنفسه، وهو الذي أخبر بأسمائه وصفاته في كتابه وعلى لسان رسوله صلى الله عليه وسلم، وكذلك فإن النبي صلى الله عليه وسلم أعلم الناس بربِّه وأصدقهم خبرًا، وقد قال الله في حقه: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى}.

فمن الواجب على المسلم: أن يدرس هذا الباب وأن يتعمق في فهمه وفق ما ورد في الكتاب والسنة، وأن يحذر من التيارات الفلسفية التي أضَرَّت أصحابها، وأدخلتهم في دوامة الانحراف والضياع، فحالت بين قلوبهم وبين معرفة ربهم، فأصبحت قلوبهم مظلمة جاهلة بحقائق الإيمان، فترتب على ذلك إعراضهم عن الله وعن ذكره ومحبته والثناء عليه بأوصاف كماله، ونعوت جلاله، فانصرفت قُوى حُبِّهم وشوقهم وأنسهم إلى سواه.

ومعلوم: أنه لا يستقر للعبد قَدَمٌ في المعرفة- بل ولا في الإيمان- حتى يؤمن بأسماء وصفات الربِّ جل جلاله، ويَعرفها معرفة تُخرجه عن حدِّ الجهل بربه، فالإيمان بالأسماء والصفات وتَعَرُّفها هو أساس الإسلام وقاعدة الإيمان وثمرة شجرة الإحسان؛ فمَن جَحدها فقد هدم أساس الإسلام والإيمان، وثمرة شجرة الإحسان، فضلًا عن أن يكون من أهل العرفان. فينبغي للمؤمن أن يَبذل مقدوره ومستطاعه في معرفة الأسماء والصفات،

<<  <   >  >>