للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأن تكون معرفته سالمة من داء التعطيل وداء التمثيل اللذين ابتُلي بهما كثير من أهل البدع المخالفة لما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم، فالمعرفة الصحيحة هي المُتلقاة من الكتاب والسنة، وما رُوي عن الصحابة والتابعين لهم بإحسان، فهذه هي المعرفة النافعة التي لا يزال صاحبها في زيادة إيمانه وقوة يقينه، وطمأنينة أحواله.

ومما يذكره العلماء في أهمية هذا العلم- الذي هو العلم بأسماء الله وصفاته- بالإضافة إلى كونه شطر باب (الإيمان بالله تعالى): أنه أشرف العلوم؛ فهو أشرف العلوم وأعظمها وأجلها وأكبرها؛ فإذا قلنا: إن شرف العلم تابع لشرف المعلوم، فالمعلوم هنا: هو ما يليق بأسماء الله تعالى من أسمائه وصفاته -سبحانه وتعالى-، وما تَعَرَّف به إلى خلقه مما أخبر به في كتابه وعلى لسان رسوله -صلى الله عليه وسلم-؛ من أسمائه الحسنى وصفاته العُلى؛ فأنت أمام أشرف علم تكتسبُه؛ فلا شك أن العلم شرفٌ لصاحبه، وأشرف علم يكتسبُه العبد المؤمن هو معرفة الله -سبحانه وتعالى-؛ لأن شرف العلم تابع لشرف المعلوم.

والمعلوم هنا: هو الله -سبحانه وتعالى- وما يليق به من الأسماء والصفات والأفعال؛ فلذلك ينبغي على المؤمن مع حرصه على إكمال توحيده أن يحرص كذلك على نيل هذا الشرف العظيم، وهو أن يكتسب هذا العلم الصحيح بأسماء الله وصفاته، كذلك مما يدل على شرف هذا العلم: أنه أصل العلوم وأساسها، كما يقول العلماء: «مَنْ عرف الله عرف ما سواه، ومَن جهل ربَّه فهو لما سواه أجهل» (١).

وتأمل هذا وخذه من قول الله -سبحانه وتعالى- حيث قال: {وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ} {الحشر: ١٩]، وقد قال النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- في وصيته لابن عباس: «يا غلام- أو- يا غُلَيِّم: احفظ الله يحفظك، احفظ الله تَجده تُجاهك» (٢)، ونحن


(١) انظر «مفتاح دار السعادة» (١/ ٨٦).
(٢) أخرجه الترمذي (٢٥١٦)، وأحمد في «مسنده» (٢٦٦٩) من حديث ابن عباس -رضي الله عنهما-، وقال: «حسن صحيح»، وصححه الألباني في «المشكاة» (٥٣٠٢).

<<  <   >  >>