للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكما يكون الحسن في أسماء الله باعتبار كل اسم على انفراده، فكذلك يكون باعتبار جمعه إلى غيره؛ فيحصل بجمع الاسم إلى الآخر كمالٌ فوق كمال.

مثال ذلك: (العزيز الحكيم)، فإن الله تعالى يجمع بينهما في القرآن كثيرًا، فيكون كل منهما دالًّا على الكمال الخاص الذي يقتضيه وهو: العزة في العزيز، والحُكمُ والحكمة في الحكيم.

والجمع بينهما دالٌّ على كمال آخر، وهو أن عِزَّته تعالى مقرونة بالحكمة، فعزته لا تقتضي ظُلمًا وجورًا وسوء فعل، كما قد يكون من أعزَّاء المخلوقين. فإن العزيز منهم قد تأخذه العزة بالإثم، فيظلم ويجور ويسيءُ التَّصرف.

وكذلك حكمه تعالى وحكمته مقرونان بالعزِّ الكامل، بخلاف حكم المخلوق وحكمته؛ فإنهما يعتريهما الذُّلُّ (١).

قال ابن القيم رحمه الله: «وهناك صفة تحصل من اقتران أحد الاسمين والوصفين بالآخر، وذلك قدر زائد على مُفرديهما نحو: الغني الحميد، العفو

القدير، الحميد المجيد؛ وهكذا عامة الصفات المقترنة والأسماء المزدوجة في القرآن، فإن الغِنى صفة كمال، والحمد كذلك، واجتماع الغِنى مع الحمد كمال آخر، فله ثناء من غناه وثناء من حمده وثناء من اجتماعهما، وكذلك: العفوُّ القدير، الحميد المجيد، العزيز الحكيم؛ فتأمله فإنَّه من أشرف المعارف» (٢).

أسماء الله توقيفية:

ولذلك أسماء الله توقيفية، فليس لك أن تقيس فيها؛ فمثلًا أنت تقول: إن الجود والسخاء قد يكونان وصفين متقاربين، تقول: فلان جواد وفلان


(١) «القواعد المثلى» (ص ٧، ٨).
(٢) «بدائع الفوائد» (١/ ١٦١).

<<  <   >  >>