فمن الموصوف هنا؟ مَنْ الذي بطشه شديد؟ من الذي يبدئ ويعيد؟ من الغفور الودود؟ من ذو العرش المجيد، من هو؟! هل هم ستة أم واحد؟ بل واحد وهو الله -سبحانه وتعالى-.
وكذلك في قوله تعالى: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى (١) الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى (٢) وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى (٣) وَالَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعَى (٤) فَجَعَلَهُ غُثَاءً أَحْوَى} {الأعلى: ١ - ٥]؛ هل الموصوفون متعددون أو واحد؟ والجواب: الموصوف واحد وهو الله -سبحانه وتعالى-.
فالسمع جاء بجملة كبيرة من النصوص، فيها أوصاف لله تعالى، والموصوف واحد، وهو الله -سبحانه وتعالى-، ولا يلزم من تعدد هذه الصفات أن تكون هناك عدة آلهة، بل هذه كلها أوصاف لموصوف واحد!
وكذلك أنت فيك عدة أوصاف: مثلًا: الطول، البياض، لون الشعر … فلو عددتُ أوصافك مثلًا فقلت: أنت رجل طويل، وأنت رجل شديد البياض، وأنت رجل مربوع الجسم، هل الآن عددتُك أو وصفتُ شخصًا واحدًا؟
فالموصوف هو شخص واحد.
لذلك هي علة ميتة، ففي الأصل لا يمكن أن تقوم صفة بنفسها. هذا لا يمكن أبدًا، ولا يلزم من تعدد الصفات تعدد الموصوف، أي: تعدد الذات، فقد تكون جملة صفات لموصوف واحد، فكيف يقول هؤلاء: يلزم مِنْ تعدد الصفات تعدد الذوات؟!
هذا ليس بلازم أبدًا، فاستدل المصنف بأدلة السمع، ثم قال:«وأمَّا العقل: فلأن الصفات ليست ذوات بائنة من الموصوف»، فلا يُعقل أن الصفة تقوم بنفسها، فليست بائنة من الموصوف حتى يلزم من ثبوتها التعدد، وإنما هي من صفات مَنْ اتصف بها، فهي قائمة بهذا الموصوف، ونوع هذا الموصوف بحسبه، لكن تقوم بموصوف معين؛ فتتعدد وتكثر، حسب نوع هذا