للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الذي وصفتَه، فهي قائمة به، «وكل موجود فلا بد له من تعدد صفاته»، والوجود نفسه صفة؛ لأن الشيء إمَّا موجود وإما معدوم، فلإنه موجود، فهذه صفة، فتقول: هذا الشيء موجود، أي: ليس معدومًا، ثم هذا الموجود إما أن يكون واجب الوجود أو ممكن الوجود، كما يسمونه؛ لأنهم يُقسمون الأشياء إلى واجب الوجود- أي: الخالق- وإلى ممكن الوجود وهو المخلوق، فأي شيء موجود لا بد أن يوصف- أولًا- بأنه موجود وليس معدومًا، ثم بعد ذلك يُنظر هل هو واجب الوجود أو ممكن الوجوب؛ فقد يكون واجبًا وقد يكون ممكنًا، فإذا كان خالقًا فهو واجب الوجوب، وإذا كان مخلوقًا فهو ممكن الوجود، وكونه عينًا قائمة بنفسه أو وصفًا في غيره.

فقد يكون الشيء وصفًا للغير، وقد يكون عينًا قائمة بنفسها، فمثلًا: هذا الطلاء موجود في هذا الجدار ولونه أبيض، ويمكن أن تزيله وتجعل مكانه لونًا آخر أخضر أو أزرق أو غير ذلك من الألوان، فيكون قائمًا بهذا الغير، ويكون هذا الشيء من طبيعته أنه يكون بهذا اللون المعين، فسواء كان قائمًا بنفسه أو قائمًا بغيره- فهو وصف بهذا الشيء الموجود، فلا يمكن أن يكون وصفًا بنفسه ويقوم بنفسه، بل لا بد أن يقوم بشيء.

فما نؤمن به ونعتقده: أن أسماء الله أعلام وأوصاف؛ فنحن نؤمن بها أسماء، ونؤمن بما دلت عليه من المعاني، ولا ننكر شيئًا من ذلك، فلا نكذب بشيء مما دلت عليه من المعاني. فالله هو السميع وله صفة السمع، وهو العلي وله صفة العلو، وهو الخالق وله صفة الخلق؛ فنؤمن بهذا اسمًا ونؤمن بهذا صفة.

ونعلم أنه ليس في أسماء الله اسم جامد، ولذلك مَنْ قال: إنَّ من أسمائه الدهر، فكلامه مرجوح.

وهذه المسألة فيها خلاف بين العلماء: هل الدهر اسم من أسماء الله، أو لا؟

<<  <   >  >>