للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والغفور العفو دون الصَّفوح الساتر.

وكذلك سائر أسمائه- تعالى- يجري على نفسه منها أكملها وأحسنها، وما لا يقوم غيره مقامه؛ فتأمل ذلك، فأسماؤه أحسنُ الأسماء، كما أنَّ صفاته أكمل الصفات، فلا تَعدل عما سَمَّى به نفسه إلى غيره، كما لا تتجاوز ما وصف به نفسه ووصفه به رسوله -صلى الله عليه وسلم- إلى ما وصفه به المُبطلون والمُعَطِّلون» (١).

وقال أبو سليمان الخَطَّابي: «ومن علم هذا الباب- أعني الأسماء والصفات- ومما يدخل في أحكامه ويتعلق به من شرائط: أنَّه لا يتجاوز فيها التوقيف، ولا يُستعمل فيها القياس؛ فيلحق بالشيء نظيره في ظاهر وضع اللغة ومتعارض الكلام:

فـ (الجواد) لا يجوز أن يُقاس عليه السخي وإن كانا متقاربين في ظاهر الكلام، وذلك أن السخيَّ لم يَرد به التوقيفُ، كما ورد بـ (الجواد).

و (القوي) لا يُقاس عليه الجَلْد، وإن كانا يتقاربان في نعوت الآدميين؛ لأن باب التَّجَلُّد يدخله التَّلف والاجتهاد.

ولا يُقاس على (القادر): المُطيق ولا المُستطيع.

وفي أسمائه (العليم) ومن صفته العلم، فلا يجوز قياسًا عليه أن يسمى عارفًا؛ لما تقتضيه المعرفة من تقديم الأسباب التي بها يتوصل إلى علم الشيء، وكذلك لا يُوصف بالعاقل.

وهذا الباب يجب أن يُراعى ولا يُغفل؛ فإنَّ عائدته عظيمة، والجهل به ضارٌّ، وبالله التؤفيق» (٢).

وقال السفاريني في منظومته:

لكنَّها في الحقِّ توقيفية … لنا بِذَا أدلة وَفِيَّة


(١) «بدائع الفوائد» (١/ ١٦٨).
(٢) «شأن الدعاء» (١١١ - ١١٣).

<<  <   >  >>