للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بما لم يَتَسَمَّ به ولم ينطق به كتابُ الله ولا سنة رسوله -صلى الله عليه وسلم-» (١).

وقال ابنُ حَجَر: «قال أهل التفسير: من الإلحاد في أسمائه: تسميته بما لم يَرد في الكتاب أو السُّنَّة الصَّحيحة» (٢).

وقال ابنُ حَزْم: «منع تعالى أن يُسَمَّى إلَّا بأسمائه الحسنى، وأخبر أنَّ مَنْ سَمَّاه بغيرها فقد ألحد» (٣).

وبهذا يتبين أنَّ هذه الآية دليل على أنَّ أسماء الله توقيفية، وأن مخالفة ذلك وتسميته تعالى بما لم يُسَمِّ به نفسه ميل بها عما يجب فيها؛ فالإقدام على فعل شيء من ذلك هو نوع من الإلحاد في أسماء الله.

ثالثًا: قوله تعالى: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى}:

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: «ومَن جعله تسبيحًا للاسم يقول: المعنى: أنك لا تُسَمِّ به غير الله، ولا تُلحد في أسمائه؛ فهذا ما يستحقه اسم الله» (٤)، فإذا فُسِّرت الآية بهذا الوجه ففيها دليل على كلِّ ما سبق في الآية التي قبلها من اعتبار تَسميته بما لم يُسَم به نفسه من أنواع الإلحاد في أسمائه.

رابعًا: قوله تعالى: {وَلا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاء}، وقوله تعالى: {وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْم}، وقوله تعالى: {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْأِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ}.

فإذا كانت هذه الآيات تُحَرِّم وتُحَذِّر من الخوض في الأمور المغيبة عند فقد الدليل الشرعي، فإن ذلك التحريم والتحذير يدخل فيه باب أسماء الله باعتباره من الأمور المغيبة التي لا تُعرف إلا من طريق النص الشرعي.

ولذلك من الواجب هنا الاقتصار على الأسماء الواردة في النصوص


(١) «معالم التنزيل» (٣/ ٣٥٧).
(٢) «فتح الباري» (١١/ ٢٢١).
(٣) «المحلى» (١/ ٢٩).
(٤) «مجموع الفتاوى» (٦/ ١٩٩).

<<  <   >  >>