للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وترك ما سواها.

خامسًا: حديث: «ما أصاب عبدًا قطُّ همٌّ ولا غَمٌّ ولا حَزن، فقال: اللهم إني عبدك ابن عبدك ابن أَمَتك، ناصيتي بيدك، ماضٍ فيَّ حكمك، عدل فيَّ قضاؤك، أسألك بكل اسمٍ هو لك؛ سَمَّيت به نفسك، أو أنزلته في كتابك، أو علَّمته أحدًا مِنْ خَلقك، أو استأثرت به في عِلم الغَيب عندك … »، الحديث (١)، والشاهد في الحديث قوله: «أسألُك بكلِّ اسم هو لك سَمَّيت به نفسك».

فالله تعالى هو الذي يسمِّي نفسه، وليس لأحد مِنْ خَلقه أن يسمي الله تعالى بشيء من عنده، فأسماء الله أمور حكمها الغيب وحكمها التوقيف والخبر؛ فلا بد من الرجوع إلى ذلك. هذا قول أهل السنة والجماعة.

قال ابنُ القَيِّم: «فالحديث صريح في أنَّ أسماءه ليست مِنْ فعل الآدميين وتسمياتهم» (٢).

و (أو) في قوله: «سَمَّيت به نفسَك، أو أنزلتَه في كتابِك»: حرف عطف، والمعطوف بها أخص مما قبله؛ فيكون من باب عطف الخاص على العام، فإنَّ ما سمى به نفسه يتناول جميع الأنواع المذكورة بعده، فيكون عطف كل جملة منها من باب عطف الخاص على العام، فوجه الكلام أن يقال: «سَمَّيت به نفسك؛ فأنزلته في كتابك، أو عَلَّمته أحدًا من خلقك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك» (٣).

د- الذين خالفوا الحقَّ في هذه المسألة:

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: «والناس مُتنازعون: هل يُسَمَّى الله

بما صَحَّ معناه في اللغة والعقل والشرع وإن لم يَرد بإطلاقه نصٌّ ولا إجماع، أم لايُطلق إلا ما أطلق نصًّا أو إجماعًا، على قولين مَشهورين:


(١) أخرجه الإمام أحمد في «المسند» (١/ ٣٩١، ٤٥٢)، وابن حبان في «موارد الظمآن» ح (٢٣٧٢)، والحاكم في «المستدرك» (١/ ٥٠٩)، والطبراني في «الكبير» ح (١٠٣٥٢).
(٢) «شفاء العليل» (ص ٢٧٧).
(٣) المصدر السابق (ص ٢٧٦) بتصرف.

<<  <   >  >>