للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المعنى الرابع: أن يكون معنى الحديث: أن يقرأ القرآن حتى يختمه؛ فيستوفي هذه الأسماء كلها في أضعاف التلاوة، فكأنه قال: مَنْ حفظ القرآن وقرأه فقد استحق دخول الجنَّة (١).

قال الحافظ ابن حجر: «وقيل: المراد بالحفظ: حفظ القرآن؛ لكونه مستوفيًا لها؛ فمن تلاه ودعا بما فيه من الأسماء حصل المقصود. قال النووي: «هذا ضعيف».

وقيل: المراد: مَنْ تَتَبَّعها مِنْ القرآن» (٢).

والحق والصواب: أن الإحصاء شامل لهذه الأمور جميعها، فلا بد من الجمع بين الإحصاء النظري المُتمثل في العلم بها وحفظها وحفظ النصوص الدالة عليها. والإحصاء الفقهيِّ المتمثل في فَهم معانيها ومدلولاتها والإيمان بآثارها. والإحصاء العملى الذي هو العمل بمقتضاها ودعاء الله بها.

قال ابن بطال: «الإحصاء يقع بالقول، ويقع بالعمل؛ فالذي بالعمل: أنَّ لله أسماء يختصن بها؛ كالأحد والقدير، فيجب الإقرار بها والخضوع عندها. وله أسماء يستحبُّ الاقتداء بها في معانيها؛ كالكريم والعَفُو؛ فيسحب للعبد أن يتحلى بمعانيها؛ ليؤدي حقَّ العمل بها، فبهذا يحصل الإحصاء العملي.

وأمَّا الإحصاء القولي فيحصل بجمعها وحفظها والسؤال بها، ولو شارك المؤمن غيره في العَدِّ والحفظ، فإن المؤمن يَمتاز عنه بالإيمان والعمل بها» (٣).

* * *


(١) «شأن الدعاء» (ص ٢٩).
(٢) «فتح الباري» (١١/ ٢٢٦).
(٣) «فتح الباري» (١٣/ ٣٩٠).

<<  <   >  >>