للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الاقتداء به فيها كـ (الرحيم)، و (الكريم)، فإن الله يحب أن يرى حلاها على عبده؛ فليمرن نفسه على أن يصحَّ له الاتِّصاف بها. وما كان يختص به تعالى كـ (الجبَّار) و (العظيم)؛ فيجب على العبد الإقرار بها والخضوع لها، وعدم التَّحلِّي بصفة منها.

وما كان فيه معنى الوعد نقف منه عند الطَّمع والرَّغبة.

وما كان فيه معنى الوعيد نقف منه عند الخشية والرَّهبة.

فهذا معنى «أحصاها» و «حفظها».

وقال أبو نُعيم الأصبهاني: «الإحصاء المذكور في الحديث ليست هو التعداد، وإنما هو العمل والتَّعقُّل بمعاني الأسماء والإيمان بها» (١).

المعنى الثالث: أن يكون الإحصاء بمعنى العقل والمعرفة.

وهذا المعنى مأخوذ من الحصاة، وهي: العقل.

قال طَرَفة:

وإن لسان المرء ما لم تكن له … حصاة على عوراته لدليل (٢)

والعرب تقول: فلان ذو حصاة؛ أي: ذو عقل ومعرفة بالأمور.

فيكون معنى «أحصاها»: أنَّ مَنْ عرفها وعقل معانيها وآمن بها- دخل الجنة (٣).

قال أبو عمرو الطَّلمنكي: «مِنْ تمام المعرفة بأسماء الله تعالى وصفاته التي يستحق بها الداعي والحافظ ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: المعرفة بالأسماء والصفات وما تتضمن من الفوائد، وتدل عليه مِنْ الحقائق، ومَن لم يعلم ذلك لم يكن عالمًا لمعاني الأسماء، ولا مستفيدًا بذكرها وما تدلُّ عليه من المعاني» (٤).


(١) «فتح الباري» (١١/ ٢٢٦).
(٢) «ديوان طرفة بن العبد» (ص ١١٢).
(٣) «شأن الدعاء» (ص ٢٨، ٢٩).
(٤) «فتح الباري» (١١/ ٢٢٦).

<<  <   >  >>