هذه الآيات الكريمات دعت إلى الإخلاص، والعمل لله وحده وبينت أن أي عمل لا يبتغى به وجه الله فهو غير خالص لله فيرد على صاحبه ولا يقبله الله تعالى؛ وبذلك التقت الآيات الكريمة مع الأحاديث الشريفة، إذ كلها من مشكاة الوحي الإلهي والنور السماوي الذي يجب أن يتخلق به الخلق، ويتحلى به المسلم والمؤمن حتى يكون عمله مقبولا عند الله تعالى وينفعه في دنياه وفي آخرته ومما يدل على أن الإخلاص في العمل، وابتغاء وجه الله تعالى هو الذي يجعل العمل مقبولًا، بل هو يصير العادة عبادة حتى في أمتع اللحظات عندما يجلس الرجل مع زوجته يداعبها، وتداعبه، ويطعمها بيده، وتطعمه، ويضع اللقمة في فمها إذا ابتغى بذلك وجه الله تعالى؛ كان ذلك العمل عبادة؛ وأجر عليه من الحق -سبحانه وتعالى.
روى البخاري ومسلم في (صحيحيهما) بسندهما عن أبي إسحاق سعد بن أبي وقاص مالك بن أهيب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي القرشي الزهري -رضي الله عنه- أحد العشرة المبشرين بالجنة -رضي الله عنهم- قال: ((جاءني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يعودني عام حجة الوداع من وجعٍ اشتدَّ بي، فقلتُ: يا رسول الله، إني قد بلغ بي من الوجع ما ترى، وأنا ذو مالٍ، ولا يرثني إلا ابنةٌ لِي، أفأتصدق بثلثي مالي؟