الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، سيدنا ونبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين:
المراد بالآداب: ما يتأدَّب به المسلم من السِّمات والأوصاف الحميدة، وما يتخلَّق به المسلم من الأخلاق الحسنة الرفيعة، يقول ابن حجر العسقلاني -رحمه الله تعالى:"والأدب استعمال ما يُحمد قولًا وفعلًا، وعبَّر بعضهم عنه بأنه الأخذ بمكارم الأخلاق، وقيل: الوقوف مع المستحسنات، وقيل: هو تعظيم من فوقك، والرفق بمن دونك، وقيل: إنه مأخوذ من المَأدبة، وهي الدعوة إلى الطعام، سُمّي بذلك؛ لأنه يُدعى إليه"، فالأدب هو الأخذ بمجامع الأخلاق الكريمة، وإذا أريد به الطعام أي: المأدبة فهو أيضًا يدل على أن الأدب خلق كريم طيب، يُعدّ الطعام؛ ليكون مأدبة يأكل منه الجياع، ويلجأ إليه المحتاجون.
ولقد جاء في (النهاية) لابن الأثير -رحمه الله تعالى:"أنه يُراد بالأدب المأدبة وهي الطعام الذي يصنعه الرجل يدعو إليه الناس، وكان العرب يتفاخرون بالمأدبة، ويدعون الناس جميعًا إليها لا يختارون أحدًا على أحد، ولذلك قال شاعرهم:
لنا الجفنات الغر يلمعن في الضحى ... لا ترى الآدب فينا ينتقر
والقرآن الكريم عُرف بأنه مأدبة الله في الأرض، كما جاء في حديث ابن مسعود:((القرآن مأدبة الله في الأرض)) يعني: مدعاته أي: دعا الناس إليه للانتفاع به والأخذ منه، شُبّه القرآن بصنيع صنعه الله تعالى للناس لهم فيه خير ومنفعة.
يقول ابن الأثير في (النهاية) تحت مادة أدب يقول في حديث علي: "أما إخواننا بنو أمية فقادة أدبة، جمع آدب مثل كاتب وكتبة، وهو الذي يدعو إلى المأدبة وهي