مالك -رضي الله عنه- ((أن رجلًا اطَّلع من بعض حُجر النبي -صلى الله عليه وسلم- فقام إليه بمشقص أو مشاقص، فكأني أنظر إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يَخْتِلْهُ ليطعنه))، هذه الرواية من رواية سيدنا أنس بن مالك.
وقال -صلى الله عليه وسلم- في الحديث الذي بعد ذلك:((من اطلع في بيت قوم بغير إذنهم؛ فقد حلَّ لهم أن يفقئوا عينه))، وبسنده أي: روى مسلم بسنده عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال:((لو أن رجلًا اطلع عليك بغير إذن، فقذفته بحصاة ففقأت عينه؛ ما كان عليك من جُناح)) يعني: لا إثم عليك في ذلك، ولكن قد تكون هناك نظرة مفاجئة على المسلم أن يصرف نظره، ولا شيء عليه بعد ذلك. روى مسلم بسنده عن جرير بن عبد الله -رضي الله عنه- قال:((سألت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن نظر الفُجاءة، فأمرني أن أصرف بصري)) يعني: أمرني بصرف البصر.
الحياء من الإيمان
نموذج هام من نماذج الأخلاق الإيمانية في جميع الرسالات السماوية، دعا إليه كل الرسل، ونادت به كل الأنبياء. وعندما تحدثنا في عن ثمار الإيمان ذكرنا أن الحياء ثمرة من ثمار الإيمان، ولا بأس أن نتحدث عن الحياء هنا بالتفصيل؛ حيث إنه خلق هام من الأخلاق الإسلامية التي نادت بها كل الرسل، ودعت إليها كل الشرائع السماوية، فأقول -وبالله التوفيق-:
الأخلاق الكريمة الفاضلة واحدة في كل الشرائع، ونادت بها كل الرسالات، ودعا إليها جميع الرسل قال تعالى:{شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ}(الشورى: ١٣)، وفي ذلك أيضًا يقول الحق -سبحانه وتعالى:{قُلْ مَا كُنْتُ بِدْعًا مِنَ الرُّسُلِ}(الأحقاف: ٩).