الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين:
إن الوفاء هو الأداء بالكمال والتمام، والعهد والذمة واليمين والوعد والتعاقد؛ فالإسلام يطلب من كل مسلم أن يؤدي ما عاهد عليه، وأن يقوم بما تعاهد به فيوفيه، ويؤديه كاملًا غير منقوص؛ فلا يخون العهد ولا يغدر، وإنما يقوم بالوفاء بالعهد وفاء كاملًا
يقول ابن الأثير في (النهاية في غريب الحديث): وفى فيه "إنكم وفيتم سبعين أمة أنتم خيرها"، أي: تمت العدة بكم سبعين، يقال: وفى الشيء ووفى إذا تم وكمل ومنه الحديث: ((فمررت بقوم تقرض شفاههم، كلما قرضت وفت))، أي: تمت وطالت، ومنه الحديث:((أوفى الله ذمتك)) أي: أتمها ووفت ذمتك أي تمت، واستوفيت حقي أخذته تامًّا ومنه الحديث:((ألست تنتجها وافية أعينها وآذانها)).
وفي حديث زيد بن أرقم:"وفت أذنك، وصدَّقَ اللهُ حديثك"، كأنه جعل أذنه في السماع كالضامنة، بتصديق ما حكت، فلما نزل القرآن في تحقيق ذلك الخبر صارت الأذن كلها وافيةً بضمانها خارجة من التهمة فيما أدته إلى اللسان، وفي رواية:"أوفى الله بأذنه" أي: أظهر صدقه في إخباره عما سمعت أذنُهُ، يقال: وفى بالشيء، وأوفى، ووفَّى بمعنىً واحد.
وتحت مادة عَهِدَ في باب العين مع الهاء: يقول ابن الأثير أيضًا في كتابه (النهاية) في حديث الدعاء: ((وأنا على عهدك ووعدِكَ ما استطعْتُ)) أي: أنا مقيم على ما عاهدتك عليه من الإيمان بك، والإقرار بوحدانيتك، لا أزول عنه، واستثنى بقوله:((ما استطعت)) موضع القدر السابق في أمره، أي: إن كان قد جرى