ومن تواضع الرسول -صلى الله عليه وسلم- أنه ما كان يستكبر عن طعام يُدعى إليه مهما قل أو مهما قلت قيمته؛ يجيب الداعي إذا دعاه ولو كانت الدعوة يسيرة، ويقبل الهدية ولو كانت يسيرة.
التحذير من الكبر
لقد حرم الله تعالى الكبر وحذر منه، وبين الحق -سبحانه وتعالى- أنه وحده له العظمة والكبرياء، فلا يحق لمخلوق أن ينازعه في عظمته وكبريائه، والتكبر على الناس وازدراؤهم والاستعلاء عليهم وغمط حقوقهم -أي إنكار ما لهم من حقوق- وأكل أموالهم بالباطل؛ كل ذلك حرمه الإسلام، وبينت آيات القرآن الكريم والأحاديث الصحيحة أن إبليس -عليه اللعنة- أول معصية عصاها لله تعالى كانت هي الكبر أو بسبب الكبر حيث تكبر عن السجود لأمر الله تعالى عندما أمر بالسجود لآدم -عليه السلام- وتعالى الشيطان بجنسه وافتخر بعنصره الناري، وقال:{خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ}(الأعراف: ١٢) ومرة أخرى قال: {أَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِينًا}(الإسراء: ٦١)، فكان جزاؤه اللعنة والطرد من رحمة الله تعالى.
ولقد جاء في الحديث الصحيح الذي رواه مسلم أن المتكبر لا ينظر الله تعالى إليه يوم القيامة ولا يكلمه ولا يزكيه وله عذاب أليم، وإليكم ما ذكره النووي في كتاب (رياض الصالحين) تحت عنوان؛ تحريم الكبر والإعجاب، قال: قال الله تعالى: {لْكَ الدَّارُ الآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الأَرْضِ وَلا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ}(القصص: ٨٣) وقال تعالى: {وَلا تَمْشِ فِي الأَرْضِ مَرَحًا}(الإسراء: ٣٧)، وقال تعالى:{وَلا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلا تَمْشِ فِي الأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ}(لقمان: ١٨)، ومعنى تصعر خدك للناس؛ أي تميله وتعرض به عن الناس