الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين:
إن معنى بر الوالدين هو الإحسان إليهما وطاعتهما في غير معصية الله تعالى، والتودد إليهما والرأفة بهما خاصة عند كبر سنهما، ويخاطبهما الإنسان باللين، وأن يعاملهما بالشفقة والرحمة، وأن يحسن الألفاظ التي يتعامل بها معهما؛ فلا يقول لهما كلمة نابية ولا لفظًا مؤذيًا حتى كلمة " أف " لا يقولهما لهما عند تضجر من أمر، أو عندما يشق عليه أمر في لحظة ما حتى في أحرج اللحظات لا يقل لهما " أف " ولو كان هناك كلمة أقل في الإيذاء من كلمة " أف " لذكرها الله تعالى ونهى عنها؛ قال تعالى:{وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنْ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا}(الإسراء: ٢٣، ٢٤) وجاء الأمر بالإحسان إليهما في هذه الآية بعد الأمر بعبادة الله وحده.
وكذلك ما نزل في سورة " النساء " قال تعالى: {وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا}(النساء: ٣٦).
كما جاء الأمر بالإحسان إليهما حتى ولو كانا مشركين في سورة " العنكبوت " قال تعالى: {وَوَصَّيْنَا الإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا وَإِنْ جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ}(العنكبوت: ٨).
وفي سورة " لقمان " وسورة " الأحقاف " كانت الوصية بالبر بالوالدين والإحسان إليهما وبيان مدى التعب والمشقة والوهن التي تحملته الأم في حملها ووضعها