لم تكن معهودة عند المقالة؛ فإذا ذكر -عليه الصلاة والسلام- شيئًا موجودًا في زمانه، وجعله علامة كان حمله على أن المراد أن يتصف ذلك بصفة زائدة على ما كان موجودًا كالكثرة، والفشو.
((وأن يظهر الزنا)) أي: يفشو الزنا بالقصر لغة أهل الحجاز يعني يقال الزنا في لغة، والزناء بالمد؛ ففي كلمة الزنا لغتين تأتي بالبدء الزناء، وتأتي بالقصر. فيقال: الزنا وهي لغة أهل الحجاز، وبها جاء القرآن الكريم والمد لغة نجد فوجود كل واحد من الأربعة علامة لوقوع الساعة. وقيل: مجموعها هو العلامة، وحينئذ يصح أن يراد بقوله -صلى الله عليه وسلم-: ((ويُشرب الخمر)) أن شربه مطلقًا من الأشراط؛ لأن ذلك جزء علة لا علة مستقلة فقوله في الرواية الأخرى:((ويكثر شرب الخمر)) لا يستلزم نفي كون مطلق الشرب من أشراطها أيضًا لكن مع غيره وهو الكثرة.
وقوله في الرواية الثانية:((لا يحدثكم أحد بعدي)) جاء في رواية أخرى ((لا يحدثكم غيري)) حمل على أنه قاله لأهل البصرة وقد كان هو آخر من مات بها من الصحابة اللي هو سيدنا أنس قوله: "يقل" الرجال من القلة، وفي الرواية الأولى ((يقل العلم)) وفي الرواية الأخرى ((يرفع العلم)) لا تنافي بينهما؛ لأن المراد بالقلة العدم، أو أن ذلك باعتبار زمانين، مبدأ الأشراط وانتهاؤها فما هنا باعتبار المبدأ، وما تقدم باعتبار الانتهاء.
قوله:((وتكثر النساء ويقل الرجال)) إشارة إلى كثرة القتل بسبب الفتن وقيل: إشارة إلى كثرة الفتوح؛ فتكثر السبايا، فيتخذ الرجل الواحد عدة موطوءات. وقيل: إشارة إلى أنه يكثر في آخر الزمان ولادة الإناث، ويقل ولادة الذكور، وبقلة الرجال مع كثرة الإناث يظهر الجهل والزنا، ويرفع العلم لأن النساء حبائل الشيطان. القيم هو من يقوم بأمر من تكفل به، والمراد به هنا من يقوم على النساء.