حملته، وعبر بالمظهر في قوله: بقبض العلم في موضع المضمر؛ لزيادة تعظيم العلم كقوله تعالى:{اللهُ الصَّمَدُ}(الإخلاص:٢) بعد قوله: {اللهُ أَحَدٌ}((حتى إذا لم يبقِ عالمًا اتخذ الناس رؤساء جهالًا فسئلوا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا)) لم يُبقِ بضم الياء من الإبقاء أي: لم يبقِ الله تعالى أحدًا من العلماء، عالمًا بالنصب على المفعولية، وفي رواية "يبقى" بفتح الياء، وعالِمٌ بالرفع على الفاعلية، أي: ولمسلم في روايته في حديثه "حتى إذا لم يترك عالمًا".
"رؤساء" جمع رئيس، "جهالًا" منصوب صفة لرؤساء، "فأفتوا بغير علم"، وفي رواية:((فيفتون برأيهم)) فضلوا من الضلال، أي: أنفسهم، وأضلوا من الإضلال، أي: أضلوا السائلين.
شبهة وردها: إن قيل: الواقع بعد حتى هنا جملة شرطية؛ فكيف وقعت غاية، أجيب بأن الغاية في الحقيقة ما ينسبك من الجواب مرتبًا على فعل الشرط والتقدير، والتقدير، أي: ولكن يقبض العلم بقبض العلماء إلى أن يتخذ الناس رؤساء جهالًا وقت انقراض أهل العلم.
يؤخذ من هذا الحديث:
أن موت العلماء أمرٌ خطيرٌ يجب أن يتنبه له المسلمون خاصة إذا لم يتركوا وراءهم من يخلفهم في علمهم فإنه من علامات الساعة.
الشيء الثاني: أن تولي الجهال أمور الناس شيء خطير ونذير باقتراب الساعة. الشيء
الثالث: إنه من الخطأ أن تقبل فتاوى الجهلاء، فإنهم ضالين ومضلين.
٤ - إذا لم يكن المرء محيطًا علمًا بالمسألة التي سئل فيها لا يقدم على الإفتاء فيها، فيفتي بغير علم، فيصير من الجهال الذين إذا سئلوا أفتوا بغير علم فيضلون ويضلون.