هذه الأمور التي ذكرت هي التي تجعل المسلم متقيًا للفتنة. ثم ذكر الهيثمي بابًا آخر فيمن ترك شيئًا لله تعالى أي: مخافة لله، وحبًّا في الله، ووقوفًا عند أوامر الله ونواهيه.
عن أبي قتادة وأبي الدَّهماء قالا: أتينا على رجل من أهل البادية فقلنا: هل سمعت من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- شيئًا؟ قال: نعم. قال: سمعته يقول: ((إنك لن تدعَ شيئًا لله -عز وجل- إلا أبدلك الله به ما هو خير لك منه))، وفي رواية:((أخذ بيدي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فجعل يُعلمني مما علمه الله -تبارك وتعالى- وقال: إنك لن تدع شيئًا اتقاء الله -عز وجل- إلا أعطاك الله خيرًا منه)) رواه أحمد بأسانيد صحيحة.
وعن أبي أمامة -رضي الله عنه- قال: قال: رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: ((من قَدِر على طمع من طمع الدنيا فأدَّاه ولو شاء لم يؤدّه؛ زوَجه الله -عز وجل- من الحور الحين حيث شاء)) رواه والطبراني.
باب: ما جاء في الشهرة:
عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم:((بحسب امرئ من الشرّ إن يُشار إليه بالأصابع في دين أو دنيا إلا من عصم الله))، فالذين يحبُّون الشهرة يقعون في الرياء والسمعة. وعن ابن محيريز قال: صحبت فضالة بن عبيد صاحب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقلت:((أوصني رحمك الله. فقال: احفظ عني ثلاث خصال ينفعك الله بهنَّ: إن استطعت أن تعرف ولا تُعرف فافعل، وإن استطعت أن تسمع ولا تتكلم فافعل، وإن استطعت أن تجلس ولا يُجلس إليك فافعل)) رواه الطبراني، ورجاله ثقات.
هذه الأمور الثلاثة فيها شهرة فبيَّن له أن يتعلَّم والناس لا يعرفون مكانه، ويسمع كثيرًا ويتكلَّم قليلًا، بل لا يتكلم إن استطاع، ويجلس ولا يُجلس إليه، يعني: الناس لا تقوم له ليُجلسوه.