المجاهرون بالمعاصي، والذين يفعلون الذنوب والخطايا لا يراهم أحد، ثم بعد ذلك يتحدَّثون عنها، ويظهرونها للناس، ويُفشونها، أخبر النبي -صلى الله عليه وسلم- بأنهم مجاهرون، والله -سبحانه وتعالى- يغفر لكل مذنب ومذنبة إلا المجاهرين؛ لأنهم تجرءوا على حُرمة الله وعلى ستر الله.
عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول:((كل أمتي معافى إلا المجاهرون، وإن من المجانة -أي: المجاهرة- أن يعمل الرجل بالليل عملًا، ثم يُصبح وقد ستره الله، فيقول: يا فلان عملت البارحة كذا وكذا، وقد بات يستره ربه، ويصبح يكشف ستر الله عنه)) رواه البخاري برقم ٦٠٦٩. والباب الذي بعد ذلك باب الهجرة، وقول النبي -صلى الله عليه وسلم:((لا يحل لرجل أن يهجر أخاه فوق ثلاث))، عن أبي أيوب الأنصاري -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:((لا يَحِلُّ لرجل أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليالٍ يلتقيان، فيُعرض هذا، ويُعرض هذا، وخيرهما الذي يبدأ بالسلام)).
الباب الذي بعد ذلك: دعوة إلى الصدق: فإن الصدق خلق كريم دعا إليه الرسول الكريم، ودعا إليه القرآن الكريم في كثير من آيات الذكر الحكيم تحت باب قول الله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ}(التوبة: ١١٩) جاء ذلك الحديث عن عبد الله أي: ابن مسعود -رضي الله عنه، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:((إن الصدق يهدي إلى البر، وإن البر يهدي إلى الجنة، وإن الرجل ليصدق حتى يكون صديقًا، وإن الكذب يهدي إلى الفجور، وإن الفجور يهدي إلى النار، وإن الرجل ليكذب حتى يُكتب عند الله كذابًا))، ثم هناك الصبر على الأذى أو الصبر في الأذى، فعلى المسلم إذا ابتُلي أن يصبر ويعلم أن أجر الصابرين كبير، ويكفي أن الحق -سبحانه وتعالى- قال:{إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ}(الزمر: ١٠).