قال: فقتل الزبير ولم يدع دينارًا ولا درهمًا إلا أراضينا منها الغابة - مكان يعرف بالغابة أرض شهيرة من عوالي المدينة - وإحدى عشرة دارًا بالمدينة، ودار ين بالبصرة، ودارًا بالكوفة، ودارًا بمصر؛ هذه تركة سيدنا الزبير، قال: وإنما كان دينه الذي كان عليه أن الرجل كان يأتيه بالمال فيستودعه إياه، فيقول الزبير: لا، ولكن هو سلف إني أخشى عليه الضيعة - يعني الضياع والهلاك - وما ولي إمارة قط ولا جباية ولا خراجًا ولا شيئًا إلا أن يكون في غزو مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أو مع أبي بكر وعمر وعثمان - رضي الله عنهم جميعًا.
قال عبد الله - أي ابنه -: فحسبت ما كان عليه من الدين فوجدته ألفي ألف ومائتي ألف - يعني بلغتنا الآن ٢ مليون و٢٠٠ ألف دينار - فلقي حكيم بن حزام عبد الله بن الزبير، فقال: يا بن أخي، كم على أخي من الدين؟ - يعني: على أبيك ال ذي هو الزبير الذي وصى أن تدفع عنه دينه - فكتمته لأنه كثير، وقلت: مائة ألف، فقال حكيم: والله ما أرى أموالكم تسع هذه، فقال عبد الله: أرأيتك إن كانت ألفي ألف ومائتي ألف؟ قال: ما أراكم تطيقون هذا، فإن عجزتم عن شيء منه فاستعينوا بي، لكن أباه وصاه إن عجزت عن سداد الدين فاستعن بمولاي - أي: بالله سبحانه تعالى.
قال: وكان الزبير قد اشترى الغابة بسبعين ومائة ألف، فباعها عبد الله بألف ألف وستمائة ألف، ثم قام فقال: من كان له على الزبير شيء فليوافنا بالغابة، يأتي ليأخذ حقه، فأتاه عبد الله بن جعفر وكان له على الزبير أربعمائة ألف، فقال ل عبد الله: إن شئتم تركتها لكم قال عبد الله: لا، قال: فإن شئتم جعلتموها فيما تؤخرون إن أخرتم.
فقال عبد الله: لا، قال: فاقطعوا لي قطعة، قال عبد الله: لك من ها هنا إلى ها هنا، فباع عبد الله منها فقضى عنه دينه، وأوفاه وبقي منها أربعة أسهم ونصف،