مشاعره؛ وذلك معنى حديث حذيفة بن اليمان -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ((إن الأمانة نزلت في جذر قلوب الرجال ثم نزل القرآن؛ فعلموا من القرآن وعلموا من السنة)) الحديث رواه مسلم.
والعلم بالشريعة لا يغني عن العمل بها، والأمانة ضمير حي إلى جانب الفهم الصحيح للقرآن والسنة، فإذا مات الضمير انتزعت الأمانة فما يغني عن المرء ترديد للآيات ولا دراسة للسنن، وأدعياء الإسلام يزعمون للناس وقد يزعمون لأنفسهم أنهم أمناء، ولكن هيهات أن تستقر الأمانة في قلب تنكر للحق، ومن ثم يستطرد حذيفة في وصفه لتسرب الأمانة من القلوب التي تخلخل فيها اليقين فيروي عن الرسول -صلى الله عليه وسلم- ثم حدثنا عن رفع الأمانة، فقال:((ينام الرجل النومة فتنقبض الأمانة من قلبه فيظل أثرها مثل الوكت - والأثر المغاير كالنقطة على الصحيفة - ثم ينام الرجل النومة فتنقبض الأمانة من قلبه فيظل أثرها مثل أثر المجل - كالبثور التي تظهر في اليد مثل ً امن استخدام الأدوات الخشنة - ثم قال: فيصبح الناس يتبايعون لا يكاد أحد يؤدي الأمانة حتى يقال: إن في بني فلان رجل ً اأمينًا، وحتى يقال للرجل: ما أجلده ما أظرفه، ما أعقله، وما في قلبه مثقال حبة من خردل من إيمان)).
والحديث يصور انتزاع الأمانة من القلوب الخائنة تصويرًا محرج ًا؛ فهي كذكريات الخير في النفوس الشريرة تمر بها وليست منها، وقد تترك من مرها أثرًا لاذعًا بيد أنها لا تحيي ضميرًا مات، وأصبح صاحبه يزن الناس على أساس أثرته وشهوته غير مكترث بكفر أو إيمان.
إن الأمانة فضيلة ضخمة لا يستطيع حملها الرجال المهازيل، وقد ضرب الله المثل لضخامتها فأبان أنها تثقل كاهل الوجود؛ فلا ينبغي للإنسان أن يستهين بها، أو