ولمكانة النصيحة العالية يوصي بها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الصحابي الجليل جرير بن عبد الله البجلي بعدما يأتي جرير ويبايع على الإسلام ويناديه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بعد المبايعة أو ليضيف لبيعته بندًا مهم ًّ افي بيعته فيناديه:((يا جرير)) فيعود جرير، فيقول له - عليه الصلاة والسلام -: ((والنصح لكل مسلم، والنصح لكل مسلم، والنصح لكل مسلم)) أي ضم إلى مبايعتك النصح لكل مسلم.
روى الإمام مسلم في (صحيحه) بسنده عن جرير بن عبد الله البجلي، قال: بايعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على إقام الصلاة وإيتاء الزكاة والنصح لكل مسلم، في رواية: بايعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على النصح لكل مسلم، وفي رواية ثالثة: بايعت النبي -صلى الله عليه وسلم- على السمع والطاعة، فلقنني فيما استطعت والنصح لكل مسلم.
إن النصح خلق نبيل جاءت به كل الشرائع، وتردد على ألسنة كل الرسل فها هو نبي الله نوح - عليه السلام - يعلن عن نصحه لقومه؛ قال تعالى في سورة " الأعراف " في إرسال نوح - عليه السلام - إلى قومه وعدم إيمانهم به واتهامهم إياه بالضلال كذبًا وبهتانًا؛ قال يحكي عن نوح:{قَالَ يَا قَوْمِ لَيْسَ بِي ضَلالَةٌ وَلَكِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ * أُبَلِّغُكُمْ رِسَالاتِ رَبِّي وَأَنصَحُ لَكُمْ وَأَعْلَمُ مِنْ اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ}(الأعراف: ٦١، ٦٢).
ونبي الله صالح يعلن بأنه نصح قومه وأسدى لهم النصيحة، ولكنهم لا يحبون الناصحين؛ قال تعالى:{فَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالَةَ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ وَلَكِنْ لا تُحِبُّونَ النَّاصِحِينَ}(الأعراف: ٧٩).
وشعيب - عليه السلام - بلغ قومه ونصحهم، ولكنهم عتوا واستكبروا؛ قال تعالى:{فَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالاتِ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ فَكَيْفَ آسَى عَلَى قَوْمٍ كَافِرِينَ}(الأعراف: ٩٣).