ويستأثرون منها بما يشتهون، وهذا من انعدام شعور الفرد بحقوق الجماعة، ومن إفراطه في الأنانية، واستهانته بما يؤذي الناس، ورغبته بتجاوز حدود حقه، والاستيلاء على حقوق غيره.
وكل ذلك يمثل جانبًا من جوانب الانهيار الخلقي الذي يقاومه الإسلام مقاومة شديدة، ولا يرضاه الله من المسلم بحال من الأحوال؛ إن المسلم المتخلق بأخلاق الإسلام يعرف مقدار حقوقه وحدودها فلا يتجاوزها، ويعرف حقوق الآخرين فلا يعتدي عليها، وينظر إليها باحترام بالغ فلا يؤذي إنسانًا في حق من حقوقه الخاصة أو العامة، بالتزام هذه الأخلاق الإسلامية الاجتماعية تبرز في المجتمع الإسلامي ظواهر حضارية راقية، أما الاستهانة بها فإنها تسم المجتمع بسمات التخلف الحضاري الشائن، وتجعله في معزل عن المنهج الرباني الذي اصطفاه الله لعباده، ورسم في الإسلام معالمه وحد حدوده.
د- من حقوق الإسلام في المرافق العامة:
روى مسلم عن أبي ذر قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((عرضت علي أعمال أمتي حسنها وسيئها؛ فوجدت في محاسن أعمالها الأذى يماط عن الطريق - يعني دفع الأذى عن طريق المسلمين - ووجدت في مساوئ أعمالها النخاعة أو النخامة تكون في المسجد لا تدفن)) يوجه الرسول -صلى الله عليه وسلم- الأمة إلى الخير كله، وإلى إماطة الأذى عن الطريق، ودفع الضر عن المسلمين.
ولقد ورد في إماطة الأذى عن الطريق أحاديث شريفة صحيحة؛ منها ما رواه مسلم بسنده في (صحيحه) عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:((لقد رأيت رجلًا يتقلب في الجنة في شجرة - أي بسبب شجرة - قطعها من ظهر الطريق كانت تؤذي المسلمين)) وفي رواية لمسلم أيضًا: ((مر رجل بغصن شجرة على ظهر