أي: أن الله أنزل القرآن الكريم على النبي الكريم -صلى الله عليه وسلم- مقترنًا بالحق في كل ما جاء به، ومصدقًا لما تقدمه من الكتب الإلهية التي أنزلها الله على الأنبياء السابقين، ورقيبًا عليها يقر ما فيها من حق، ويبين ما دخل فيها من تحريف وتصحيف، ثم يأمر الله نبيه أن يحكم بين الناس مسلمين وكتابيين بما أنزل الله في القرآن، متجنبًا أهواءهم، وأنه سبحانه جعلَ لكل أمةٍ شريعة وطريقةً في الأحكام العملية تناسب استعدادها، أما أصول العقائد والعبادات والآداب والحلال والحرام وما لا يختلف باختلاف الزمان والمكان فإنها واحدة في الأديان كلها. قال تعالى:{شَرَعَ لَكُمْ مِنْ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ}(الشورى: ١٣).
ثم نسخت الأحكام العملية السابقة بالشريعة الإسلامية والأحكام النهائية الخالدة الصالحة لكل زمانٍ ومكانٍ هي شريعة الإسلام، وأصبحت العقيدة واحدة والشريعة واحدة للناس جميعًا.
٢ - الأمر الثاني: من خصوصيات القرآن الكريم: وما تميز به عن كل الكتب السابقة: أن تعاليم القرآن، هي كلمة الله الأخيرة لهداية البشر أراد الله لها أن تبقى على الدهر، وتخلد على الزمن فصانها من أن تمتد إليها يد التحريف، أو التصحيف، أو التغيير، أو التبديل، قال تعالى:{وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ * لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ}(فصلت: ٤١: ٤٢).