ما شئت وكان -صلى الله عليه وسلم- يوصف بأنه أشد حياء من العذارء في خدرها)) ودعا -صلى الله عليه وسلم- إلى أن يتخلق المسلمون بالحياء الحقيقي. فقال -صلى الله عليه وسلم- لأصحابه:((استحيوا من الله حق الحياء، قالوا: إنا نستحيي والحمد لله فقال -صلى الله عليه وسلم-: ليس ذلك وإنما الاستحياء من الله تعالى حق الحياء أن تحفظ الرأس وما حوى والبطن وما وعى، وأن تذكر الموت والبلى، ومن فعل ذلك فقد استحيا من الله حق الحياء)).
يقول الشيخ موسى شاهين لاشين في فقهه: هذا الحديث عندما شرحه في كتابه (المنهج الحديث): تكلف جماعة من العلماء حصر شعب الإيمان بطريق الاجتهاد ولم يتفقوا على نمط واحد وبعضهم قسمها إلى أعمال القلب معتقدات ونيات، وإلى أعمال اللسان، وإلى أعمال البدن وبعضهم أخذ يعدها سردًا دون تقسيم، وبعضهم ذهب إلى أن العدد أريد به التكثير دون التحديد من قبيل قول الله تعالى:{إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ}(التوبة: ٨٠) أي: مهما تستغفر لهم فالمراد التكثير وليس حقيقة العدد. وقال هؤلاء: إن ذكر البضع للترقي فيكون المعنى أن شعب الإيمان أعداد مبهمة وكثيرة، بل أكثر من الكثير.
والحق: أن محاولة حصر شعب الإيمان محاولة غير سليمة من النقل فالبعض يمكن إدخاله في البعض، كما يمكن عده مستقلًّا، وكل من تكلف حصر الشعب لم يخل من الاعتراض، ولا يقدح عدم معرفةِ حصر الشعب على التفصيل في الإيمان؛ إذ أمرها يحتاج إلى توقيف، وكل ما بينه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أعلى هذه الشعب وأدناها، كما ثبت في الصحيح:((أعلاها لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق، والحياء شعبة من الإيمان)).
وفي بعض روايات الصحيح:((الإيمان بضع وسبعون شعبة)) وبعضهم رجح علي رواية بضع وستين شعبة لأن العدد المتيقن في الروايتين هو البضع والستون