كتب الشيخ محمد الغزالي -رحمه الله تعالى- في كتابه خلق المسلم تحت عنوان الحياء كلامًا طيبًا، فقال: الحياء أمارة صادقة على طبيعة الإنسان، فهو يكشف عن قيمة إيمانه، ومقدار أدبه، وعندما ترى الرجل يتحرج من فعل ما لا ينبغي، أو ترى حمرة الخجل تصبغ وجهه إذا بدر منه ما لا يليق. فاعلم أنه حي الضمير، نقي المعدن، ذكي العنصر وإذا رأيت الشخص صفيقًا بليد الشعور لا يبالي ما يأخذ، أو يترك؛ فهو امرؤ لا خير فيه، وليس له من الحياء وازع يعصمه عن اقتراف الآثام، وارتكاب الدنايا، وقد وصى الإسلام أبناءه بالحياء، وجعل هذا الخلق السامي أبرز ما يتميز به الإسلام من فضائل.
قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إن لكل دين خلقًا وخلق الإسلام الحياء)) رواه مالك في (الموطأ) كانت الصرامة ملحوظة في تعاليم اليهودية على عهد موسى -عليه السلام- وكانت السماحة ملحوظة في تعاليم المسيحية على عهد عيسى -عليه السلام- وقد تميز الإسلام بالحياء والأديان كلها تأمر بالفضائل جملة وتحاسب عليها جملة وقد أراد النبي الكريم -صلى الله عليه وسلم- أن يجعل من حساسية المسلم بما في الفضيلة من خير، وبما في الرذيلة من شر أساسًا يدفعه إلى الاستمساك بالأولى، والاشمئزاز من الأخرى أساسًا يدفعه إلى الاستمساك بالأولى أي: بالفضائل والاشمئزاز من الأخرى، أي: الرذيلة حياء من ترك الخير، ومن فعل الشر بغض النظر عن الثواب والعقاب كما قال ابن القيم:
هب البعث لم تأتنا رسله ... وجاحمة النار لم تضرمِ
أليس من الواجب المستحق ... حياء العباد من المنعمِ
وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- أرق الناس طبعًا، وأنبلهم سيرة وأعمقهم شعورًا بالواجب، ونفورًا من الحرام، عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- قال:((كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أشد حياءً من العذراء في خدرها، وكان إذا رأى شيئًا يكرهه عرفناه في وجهه)) رواه مسلم.