للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والتماع الحراب

في الصحارى ومن أعين الجاعين

وفي مثل هذا الافتعال وقع الشاعر في قصيدة " إلى حسناء القصر " فهو مفتون بهذه الحسناء، مسرف في تصوير مدى هذه الفتنة، وهذا الإحساس الكامن يجعل تهديد الحسناء بزوال مالها وقصرها، وبثورة المضطهدين، وإراقة الدماء في سبيل الحرية ازدواجا مضحكا يفضح نوعا من الصبيانية في فهم النضال، فلو أن هذه الحسناء أشارت له بطرفها لانتهى كل الحقد على القصر وأصحابه من نفسه. والحقيقة أن الشاعر كان ما يزال يؤمن بالاتجاه الذاتي في الشعر لعجزه عن التخلي عنه، ولهذا فهو يقول في مقدمة ديوانه: " وقبل أن أختم هذه المقدمة لا بد من التعرض لمشكلة كثيرا ما ثار حولها الجدل، تلك هي رسالة الفنان في المجتمع: أنا من المؤمنين بأن على الفنان دينا يجب أن يؤديه لهذا المجتمع البائس الذي يعيش فيه، ولكنني لا أرتضي أن نجعل الفنان؟ وخاصة الشاعر - عبدا لهذه النظرية، والشاعر إذا كان صادقا في التعبير في كل نواحيها، فلا بد من أن يعبر عن آلام المجتمع وآماله دون أن يدفعه أحد إلى هذا، كما أنه من الناحية الأخرى يعبر عن آلامه وأحاسيسه الخاصة التي هي في أعمق أغوارها أحاسيس الأكثرية من أفراد هذا المجتمع " (١) .

وتبقى قصيدة " خطاب إلى زيد " شاذة في هذا الديوان: شاذة بشكلها فأنها على طريقة القصيدة الكلاسيكية، شاذة في موضوعها بالنسبة لباقي القصائد، لأنها تتحدث عن الظلم الذي يمثله مصرع الحسين. وأنا اعتقد أنها قصيدة متكلفة وأنها أيضاً لا تمثل روح السياب، الذي كان؟ في بعض اللحظات - يرى في الحجاج بطلا عربيا،


(١) أساطير: ٨.

<<  <   >  >>