النغمة الموسيقية، وعن التبدد في الصورة المركبة، وهو يمنحه حرية الاختيار، فيرفض ما لا يلتئم مع السياق العفوي، أو ينبو في موضعه عن نقل التيار النفسي.
غير أن هذا كله قد يبدو حين ندرس بعض نماذج الشكل الجديد محض فرض نظري، ذلك لأن السياب لا يزال يثقل هذا الشكل بما تتطلبه الدورة الشعرية من تنغيم كقوله:
في بقايا ناعسات من سكون
في بقايا من سكون
في سكون.
ولا يزال يسترسل وراء كل طاقة من طاقات الانفعال على حدة دون أن يستطيع ضفر تلك الطاقات في سياق داخلي ينتظم حركة القصيدة ويمتد بأمتدادها، فهو مشتت مضطرب، ويعجز عن أن ينقل اضطرابه على نحو منظم، وهو لا يشبع من إثارة ما في الزوايا وعرضه على الناس مفقدا القصيدة قدرتها على الإيحاء الكلي، في ظمأة المتعطش إلى أن يبوح ويبوح؛ وهو ما يزال أسير عرف شعري، يفرض به على نفسه بسط الجو العام أولاً، ووضع القارئ فيه، لأنه لا يزال يحتفل بالمقدمة التي تهيء نفسية قارئه للتلقي، وهذا قد يجوز، بل يكون ضروريا، أحيانا، ولكن إمعان السياب نفسه فيه يجعله نوعا من " الصناعة " المتكفلة التي يترسمها الشاعر خضوعا لنظرة اطارية تقليدية أو تهيبا من إلقاء الخطوط المعبرة دون مشرع تمهيدي مسطح يفترش أرض القصيدة فيبدو كالمنظر الطبيعي الواقعي من خلف صورة تعبيرية أو رمزية.
وكثيرا ما يكون هذا المشرع التمهيدي تحديدا لطبيعة الزمان والمكان والحركة؟ خارج نفس الشاعر - مثل: