للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

المؤثرات التي أخذت تفعل في توجيه شعر بدر؛ فقد كنا لمحنا في ديوانه الأول تأثره بعلي محمود طه وإدراجه لقطعة من قصيدة إنجليزية في إحدى قصائده، ولكن ديوان أساطير يدل على اتساع في التأثير، وان كان ما يزال تأثيرا خارجيا - نوعا من الإشارة العابرة أو التضمين. فهو يعرف أن لاليوت قصيدة عنوانها " الأرض اليباب (آو الخراب) :

فلتنبت الأرض الخراب على سنا النجم الحزين

صبارها؟.

ويعلق على لفظة الأرض الخراب في الحاشية بقوله " عنوان قصيدة للشاعر الإنجليزي الراجعي ت. س. اليوت "، وقد وظعنا خطا تحت كلمة " الراجعي " لأن السياب بعد سنوات سيعد اليوت اعظم شاعر حديث بالغة الانجليزية، ولكنه يصفه بالرجعية هنا نزولا على ما يتطلبه منه اتجاهه اليساري. ولا ريب في أنه كان قد قرأ شيئا من اليوت، إذ أن قوله في قصيدة " ملال ":

وأكيل بالأقداح ساعاتي

إنما هو الترجمة لقول اليوت: " قد رت حياتي بملاعق القهوة " (١) ، وهذه ظاهرة حقيقية بالتنبه، فان السياب كان يستعير الصور المترجمة ويدرجها في شعره، فيخفى مكانها على القارئ في درج النغم. وهو قد قرأ قصيدة للشاعر الإنجليزي Bridges يستشرف فيها السفن ويتملك الحنين إلى البحر، وما قول السياب في قصيدة القرية الظلماء:

إني سأغفو بعد حين، سوف أحلم في البحر

هاتيك أضواء المرافئ وهي تلمع من بعيد

تلك المرافئ في انتظار


(١) I have measured out my life with coffee spoons.

<<  <   >  >>