للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وابتاع بالدرهم المجبول من دمها ... فيض الدم الثر فيها شر تجار

واستأجروها لصنع الموت منه لها ... بالزاد يبقى دما فيها لجزار

أعمارها مثل بئر للدم ابتلعت ... جيلا سواها بهن ابتاعه الشاري وهذا يعني أن نداء السلم قد عم الكون ولذلك عاد الشاعر فكرر في ختام قصيدته تلك المقاطع التي عبر فيها عن أصالة هذا النداء وعن حمامة السلام التي نشرت جناحيها فلكما ظلماء الحروب ومهدا لطلوع الفجر - فجر السلام.

فالقصيدة تتكون من أربع دورات، في كل دورة شقان متقابلان؟ وبين الثالثة والرابعة يقع نداء أنصار السلام (وهو قائم على التقابل أيضاً بين صورتين) ، وقد كان هذا الشكل صالحا لهذه القصيدة، لأن الوعي الذهني هو الذي يرسم لها كريقها، لو أن الشاعر أحسن الالتزام بصناعة البناء، وخاصة في فترات الارتداد من دنيا الأهوال والمخاوف إلى أحضان الهدوء، ولكنه لم يفعل، كذلك فان إيراد نداء أنصار السلام جاء دخيلا على هذا المبنى الواضح (وان التزم فيه الشاعر مبدأ التقابل) ، أن التعاقب بين الخير والشر في بناء القصيدة هو خير ما فيها لأنه يضع الذهن في موضع المفارقة والمقارنة، وعن طريق ترسيخ هذا التأثير في نفس القارئ حاول الشاعر؟ واعيا - أن يقول كل ما يجعل الحرب كريهة لديه وأن يجعل السلم جميلا في عينيه، أي أن القصيدة تراوح مستمر بين التقبيح والتزيين؛ وإذا استثنينا حرصه على التدرج في بناء الشق الأول؟ أي رسم صورة مخيفة للحرب - فانا نجد أن قصيدته تشكو من نقص أساسي وهو عدم التمايز بين الدورات في طبيعة الموضوع الذي يعالجه، كما أن فيها معالجة من يعييه التعبير، وهذا يظهر على أشده في فترات الهدوء، أما في تصوير الرعب والفزع فقد حاول أن يغطي بصوت الهدير اللفظي على قصور عباراته، فوفق إلى حد إلا إن المدقق في أبياته يلمح معاناة شاعر مبتدئ متفاوت

<<  <   >  >>