للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الصياغة مضطر إلى الحشو، يحلق ويسف في البيت الواحد، ويركب ألفاظا لا تؤدي ما يريده من معنى إلا بالتعسف في التأويل.

ان قصيدة " فجر السلام "؟ رغم ما يعتريها من سمات الضعف الفني - ومعها قصائد مثل " القيامة الصغرى " و " مقل الطغاة "، تومئ إلى تحول لدى السياب في الموضوع الشعري، بعد ان كان قد مارس التحول في الشكل في بعض قصائد ديوانه " أساطير "؛ لقد أدركه الشبع من ذلك الشعر الذاتي الذي يعرض فيه مواجده على الناس، واخذ يحاول التوفيق بين فنه ومبدأه الذي يعتنقه، حتى خيل إليه في لحظة انه لن يكتب من بعد بيتا واحدا من الشعر الذي يشبه ما تضمنه ديواناه " أزهار ذابلة " و " أساطير " (١) . ولذلك صرح للأستاذ العبطة (١٩٥١) بأنه يكره الشعر الذاتي بل انه يعتبر الشعراء الذاتيين عملاء للاستعمار حتى وان لم يشعروا هم بذلك قال: " واهم خطر يجب علينا أن نحاربه أولئك الذين ينشرون الأفكار الانحلالية ويحاولون ان يخدعوا الجماهير بأن لا فائدة من نضالها، لأن الحياة شيء تافه لا يستحق كل هذا الاهتمام وان البؤس مقدر على البشر " (٢) ؛ وأضاف انه يرى ان الشعر السياسي؟ رغم قصوره - افضل من الشهر الذاتي لأنا لو " نظرنا إلى الأمر نظرة عميقة لوجدنا من يقول: متى تتحرر من المستعمرين موازيا من حيث الفن لمن يقول متى ارى حبيبتي، إضافة إلى انه أنبل شعورا وأوسع نظرة " (٣) .

لهذا فان قصيدة " فجر السلام " ليست هامة في ذاتها، وإنما تكمن أهميتها في أنها خط فاصل بين عهدين، أو قل بداية عهد جديد يسميه الشاعر العهد الإنساني، ويؤكد فيه ضرورة الخروج من صدفة الذات


(١) العبطة: ٨٨.
(٢) المصدر نفسه.
(٣) العبطة: ٨٩؛ وسنجد من بعد أن السياب تخلى عن هذا الرأي.

<<  <   >  >>