للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولكن هذه اللفتة الحزينة كانت قد أخذت تصبح كالنغم الضائع بين صراخ اللهفة اللاهفة إلى الجسد البعيد، وحين كان السياب في بيروت عائدا من المؤتمر (٢٦ - ١٠ - ١٩٦١) كان لهاث الشهوة يحجب عن سمعه كل صوت آخر (١) :

تمزق جسمك العاري ... تمزق تحت سقف الليل نهدك بين أظفاري ... تمزق كل شيء من لهيبي غير استار ... تحجب فيك ما أهواه؟. ... فخف عائدا إلى البصرة وجيكور، إلى التراب الذي لا يحس بالراحة في سواه. ولكن لا راحة مع المرض؟ ذلك الباب الواسع الشارع على عالم الأموات:

أهكذا السنون تذهب ... أهكذا الحياة تنضب ... أحس أنني أذوب، أتعب ... أموت كالشجر (٢) ... كانت حالته الصحية قد ساءت، وقد شهد مؤتمر رومة وهو كما وصفه أحد المدعوين إلى ذلك المؤتمر " جلد على عظام؟ يمشي متأرجحا بخطوات يجرها على الأرض جرا ثقيلا يتعثر معه بقدميه فيكاد يسقط على الأرض مع كل خطوة " (٣) .

وتلقته بيروت مرة أخرى بصحبة زوجته إلا انه في هذه المرة كان يمشي بعكازتين، ومنذ تلك اللحظات بدأ صراع بدر مع الموت الحقيقي


(١) المعبد الغريق: ١٤٦.
(٢) المعبد الغريق: ٥٢.
(٣) أضواء: ٤٦.

<<  <   >  >>