للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وصيته (١) :

إقبال يا زوجتي الحبيبة ... لا تعذليني ما المنايا بيدي ... ولست؟ لو نجوت - بالمخلد ... كوني لغيلان رضى وطيبه ... كوني له أباً وأما وارحمي نحيبه ... وعلميه أن يديل القلب لليتيم والفقير ... وعلميه؟.. ... ورغم انه يغضب الكلمات، فتبقى الوصية مبتورة، كأن يستسلم أحيانا لجواذب الدنيا لان مادة الحياة فيه لم تمت؛ ومن المفارقات غير العجيبة أنه كان ما يزال يؤمن بقدرته على الحب، وبقدرته على أن يكون هدف حب، وذلك تشبث بالحياة بكلتا اليدين، ولولا قسوة التعبير لقلنا انه كان في حاجة إلى كل كلمة تنضح " بالحنو " ليحس انه ما يزال يتنفس هواء هذه الأرض، وهو يتحدث عن هوى في بيروت كاد يحقق المعجزة ويشفيه من دائه: " وكان ذلك الحب هو الذي شفاني لا أدوية الدكتورة؟. الألمانية الحقيرة، شفاني حبها كما شفى الشاعر روبرت براوننغ الشاعرة الإنكليزية من الكساح بعد أن ظلت تعانيه لمدة عشرين عاما؛ لم تدم فترة لقائنا سوى عشرين يوما أو أقل. ثم ساقتني زوجي كما يسوق الراعي الغنم أمامه إلى سلم الطائرة ثم العراق، فيا لي من تعيس بزواج وبلقاء قصير كهذا وبداء خبيث كهذا " (٢) ، ولا ريب في أنه كان يبحث عن المعجزة، وسيبحث عنها فيما بقي من ايام، كلما أعياه أن يجد في الطب طريقا للشفاء.


(١) المعبد الغريق: ١٦١.
(٢) من رسالة إلى أدونيس بتاريخ ١٧/٩/١٩٦٤.

<<  <   >  >>