للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

رغم استعانته بالعصا. ولهذا تجيء لفظة " التحسن " أو " التحسن البطيء " في رسائله ضعيفة الدلالة. وقد كان يشكو اكثر الشكوى من موضع الإبرة التي زرقوه بها في العمود الفقري لتلوين النخاع، وهو يطلب نوعين من الدواء هما " المستينون " (Mestinon) والترنيورين (Terneurine) كما يلح دائما على صديقه جارجي ليراجع الطبيب الفرنسي في شأنه، فيصف له مزيدا من الدواء ويطلب إليه أن يقتطع ثمن ما يرسله من راتبه المخصص له عن مراسلة حوار (١) .

ولم يكن القائمون على حوار بحاجة إلى بينات جديدة عن مناوأته للشيوعيين ومذهبهم، بل لعلهم كانوا يعلمون أن ليس ثمة من تعادل في الفائدة المتبادلة، فهم قد استطاعوا أن يكسبوا شاعرا قوميا؟ في نظر القوميين - لقاء مبلغ زهيد يدفع اكثر منه أضعافا إلى من هم أقل منه شأنا بكثير، ولم يكن هو في الوقت نفسه يستديم المرتب الجديد حين يهاجم الشيوعيين، وإنما كان حنقه عليهم ما يزال متقدا، وكان ارتياحه إلى العهد الجديد جزءا من موقفه العام ضدهم، ولذلك لا تخفى نغمة السخرية بهم في رسالة إلى سيمون جارجي يقول فيها: " هل تسمع إخبار العراق؟ لقد انهار " الأبطال " الشيوعيون فراحوا يدلون بالاعترافات المفصلة المخزية؟. سوف تجمع هذه الاعترافات؟ كما أظن - في كتاب، وسأقتطف منه بعض الأجزاء لأضمنها كتابي عن التجربة الشيوعية في العراق " (٢) . إذن كان ما يزال يأمل في أن يؤلف في أن يؤلف كتابا في تلك التجربة، يجمع فيه مقالاته التي نشرها في صحيفة " الحرية " ويضيف إليها أموراً أخرى صالحة لتكبير الصورة.

وكان الدفق الشعري الذي دفعت به الوحدة والمرض والاغتراب


(١) أضواء: ١٣٦، ١٣٨.
(٢) أضواء: ١٣٣.

<<  <   >  >>