للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

يستعيد اللوحة القديمة، ويعود على غصنين من الذكرى إلى ماضيه إلا انهما يذوبان لدى حلول الخريف ويعجزان عن الطيران به إلى مرج الرعاة:

ودوحة الذكرى تسلقتها ... مجتذبا أغصانها المزهرات

مستقصيا ما بينها فجوة ... تمر منها النسيم الهائمات

أبصرت منها ذكريات الصبا ... على نجيل المرج مستلقيات

والبحر يسعى دونها زافرا ... فالموج آهات حطمن الصفاة

يا مرج هل تذكرني راعيا ... اعبد فيك الله والراعيات

والبحر ما كان سوى جدول ... ينير في الليل سبيل الرعاة * * *

قالت لي الدوحة لا تيئس ... ستهبط المرج ففيم الشكاة

هاك جناحين فطر وائته ... واستوح فيه المتع الطارئات

وقدمت بين دموع الندى ... فرعين من أغصانها المورقات * * *

غنى الخريف الغاب ألحانه ... فانتثرت أوراقه راقصات

وقبل أن أدرك ما أبتغي ... ذوى جناحاي مع الذاويات كان الحنين إلى الرعاة يؤرقه، وكانت صورة " هالة " ما تزال تعيش في قلبه، رمزا لكل ما يجب في الريف، ولهذا لم يكد يجد الفرصة سانحة في عطلة الشتاء (١٩٤٣) حتى خف إلى القرية، ولكن قصيدة " تنهدات " (١) تنبئ انه لم يستطع أن يراها؟.. " انها لن تأتي " ذلك ما قاله في التوطئة للقصيدة: أكان ذلك لان فصل الشتاء حال دون قدومها


(١) تاريخها ٦/١٢/١٩٤٣.

<<  <   >  >>