للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

أتصغي فتاة الهوى والخيال ... وأدعو فتاة الهوى والثرى؟ وهكذا يتضاءل ذلك الحب في نفسه حين يتشوف إلى حب جديد، دون ان يكون في الأمر صدمة عنيفة. وليست عودته إلى هذه الذكريات محاولة فحسب لاستقبال الحب الجديد بضمير نقي، وإنما هي وسيلة ينبئ فيها كل محبوبة انه لم يكن امرءوا دون تاريخ في الحب، ذلك شأنه كلما لاحت في الأفق فتاة جديدة، انه ينثر على مسمعيها قصص حبيباته السابقات، وهذا هو عندما تحدث إلى الباريسية عن السبع اللواتي احبهن (١) ، وهذا هو الذي كان سببا من أسباب القلق في حياته الزوجية، ومثارا للغيرة والنكد، وإلى هذا يشير؟ بصراحة - في قوله يخاطب زوجته من بعد (٢) :

ربما أبصرت بعض الحقد، بعض السأم ... خصلة من شعر أخرى آو بقايا نغم ... زرعتها في حياتي شاعرة ... لست أهواها كما أهواك يا أغلى دم ساقى دمي ... أنها ذكرى ولكنك غيرى ثائره ... من حياة عشتها قبل لقانا ... وهوى قبل هوانا. ... ولا ريب في ان هذه الاعترافات ترمز إلى نقطة الضعف فيه لا إلى الثقة بالنفس، فقد كانت لذته الكبرى في ان يستعيد الماضي لا ليتخلص منه بل ليظل في صحبته، ومن الطريف الغريب في آن معا ان يقف امرؤ يقول لفتاة لم يرها بعد: " سأروي على مسمعيك أحاديث سميتهن الهوى " وان يؤكد لها نظرية تهدم معنى الانتظار وهو يقول:


(١) انظر الشناشيل: ٥٩ وما بعدها.
(٢) الشناشيل: ٧٢.

<<  <   >  >>