للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وهيهات أن الهوى لن يموت ... ولكن بعض الهوى يأفل

كما تأفل الأنجم الساهرات ... كما يغرب الناظر المسبل

كنوم اللظى كانطواء الجناح ... كما يصمت الناي والشمأل وأية منتظرة هذه التي ترضى ان يقال لها: انك تقفين فوق بحر قد يثور بعد قليل، وفوق نار مكتومة قد تتوهج في لحظة، وعلى جناح مطوي، إذا امتد عنك صاحبه إلى الماضي؛ ان قصيدته " أهواء " هامة في تاريخ شعر السياب لأنها ترجمة جميلة لضعفه ولفترة من حياته.

ومما يلفت النظر ان القصائد الموجهة إلى ذات المنديل الأحمر ثلاث كلهن ينبعن وحدة يمثلها بحر المتقارب وهي " اغرودة " و " أراها غدا " و " خيالك " ومطالعها على التوالي:

كفى طرفك اليوم أن غررا ... بقلب جفا الحب واستكبرا * * *

أراها غدا هل أراها غدا ... وأنسى النوى أم يحول الردى * * *

لظلك لو يعلم الجدول ... على العذب من مائه منزل فلما اراد ان يودع هذا الحب وكل ما كان قبله بقصيدة تاريخية جامعة (قصيدة أهواء) عادت نفسه تجيش بتلك النغمة القديمة. ولست ادري سمة خاصة تميز نغمة المتقارب ولكن استغراق نفسه فيها يدل على أن كان كالعملاق في الردغة كلما حاول الخروج منها ازداد فيها غوصا. وهذه القصيدة بعد ذلك كله تشير إلى أن الفتى الذي درس الأدب الإنكليزي قد استطاع ان يستغل بعض ما درسه في سياقها، فهو في هذه القطعة:

وبالحب والغادة المستبد ... صباها به يلعبان الورق

وكيف استكان الإله الصغير ... فألقى سهام الهوى والحنق

رهان رمى فيه غمازتيه ... وورد الخدود ونور الحدق

<<  <   >  >>