للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

نزل في إحدى المدارس، فوضع يده على شباك حديد في تلك المدرسة فما نزع يده إلا وجزء من جلدة كفه قد لصق بالحديد لشدة البرد؛ أصابته وعكة وهو في حران، واحتاج إلى مزورة تعمل باسفاناخ (سبانخ) وبيض، وأخذ خادمه بيضة ليكسرها ويلقيها في المزورة (١) ، فلم تنكسر، فغضب التيفاشي من الخادم وأخذ البيضة وجعل يضربها على جانب الصحفة فلم تنكسر فقوى الضرب، فكان حالها كذلك، فضرب بها الحائط، فانكسرت الطوبة والبيضة صحيحة، إلا أن شقاً خفياً حدث في البيضة كالشعرة، فأدخل السكين فيه وعالج قلع القشرة فإذا البيضة جامدة، فألقاها في المزورة، فنضج بياضها، وظل الصفار منها جامداً قد استلان بعض لين (٢) .

وتستحق إقامته في جزيرة ابن عمر بالقرب من الموصل، وقفة خاصة، فقد كانت تلك الجزميرة قبل الهجرة التيفاشي إلى المشرق تحت حكم شمس الدين الجزري محمد بن سعيد بتفويض من السلطان معز الدين سنجر شاه، حيث بقي يصرف الأمور تصريفاً حسناً حتى وفاته في سنة (٦١٠/ ١٢١٣) (٣) وكان لشمس الدين ابنان كلاهما يسمى باسم محمد وهما الصاحب محيي الدين الكبير، وأبو القاسم العماد، وكان الأول منهما فاضلاً أديباً وزر للملك المعظم عيسى واجتمع بالملك الكامل بمصر، فأمسكه مدة، وصار عنده من أكابر دولته، وقد استقل بحكم الجزيرة حتى وفاته (٦٥١/ ١٢٥٧) وكان أخوه العماد عاقلاً لبيباً عالماً أديباً، وتوفي في آخر سنة ٦٥١ أيضاً (٤) .

وفي بلاط الصاحب نحيي الدين احتشد عدد كبير من العلماء والأدباء منهم (٥) :

١ - شرف الدين التيفاشي، موضوع هذه الدراسة.

٢ - رشيد الدين الفرغاني.

٣ - أثير الدين الأبهري.

٤ - صدر الدين الخاصي.


(١) المزورة: حساء يصنع للمريض، ولكن دون لحم.
(٢) الفقرة: ٧٠٦ من سرور النفس.
(٣) الوافي للصفدي ٣: ١٠٥.
(٤) البدر المسافر، الورقة: ١٠٤ - ١٠٥.
(٥) الوافي للصدفي ١: ١٧٢.

<<  <   >  >>