للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حتى ينزعه، ومعي قلم شامي أكتب به، ويأخذه غيري فلا تنطلق به يده، فقلت له: هذه الزهرة وعطارد قد عملا عملهما. فأمره المأمون بعمل ما ادعاه، فعمله، فقلنا: هذا ضرب من الطلسمات. فما زال به المأمون أياماً كثيرة يستنزله عن دعواه ويرغبه ويعده بالاحسان حتى أقرّ بصورة عملت في الخاتم والقلم، وتبرأ من دعوى النبوة، وأعلمه أنه إنما جعل ذلك سبباً للوصول إليه، فوهبه المأمون ألف درهم، ووجدناه أعلم الناس بعلم النجوم، وهو من أصحاب عبد الله بن السريّ، وهو الذي عمل طلسم الخنافس في دور كثيرة من دور بغداد.

قال أبو معشر: نزلت في خانٍ ببعض قرى الريّ في قافلةٍ، ومعنا كاتبٌ من أهل بغداد، فلما استقرّ بنا المجلس أكلنا وأخرجتُ شراباً كان معي، فعرضت على الكاتب فشربنا، وذكرنا النجوم، فإذا هو قد نظر في شيء منها، فسألني عن القمر أين هو في الغد؟ فقلت: في تربيع المريخ فهل لك أن نقيم غداً؟ قال: نعم إن ساعدنا المكارون على ذلك، فكلمناهم فأجابوا على أن نعطيهم العلف، وسألنا أهل القافلة أن يقيموا فأبوا وسخروا منا وأنكروا ما قلنا، فأقمنا وارتحلوا، ونظرت في الارتفاع عند رحيلهم فإذا الطالع الثور وفيه المريخ، والمقر في الأسد، فقلت لهم: الله الله في أنفسكم، فامتنعوا من المقام ومضوا، وأقمت أنا والكاتب، فلم يبعدوا حتى رأينا جماعة من القافلة دخلوا علينا مجردين، وقد قطع عليهم الطريق على فرسخين من الموضع، وقد قتل بعضهم وأخذ ما كان معهم، فلما رأوني أخذوا لي الحجارة والعصي وقالوا: يا ساحر يا كافر قتلتنا وعاملت علينا وقطعت علينا الطريق!! فخلصت منهم بعد جهد، والتزمت أن لا أكلم أحداً من العوام والسوقة بشيء من أسرار النجوم.

قال أمير من اأراء أفريقية يوماً لشاعر ظريف من شعراء مجلسه: أيّ برج لك في السماء؟ فقال: واعجبا منك، أنا ما لي بيت في الأرض، يكون لي برجٌ في السماء؟! فضحك وأمر له بدار يسكنها.

<<  <   >  >>