للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

رويفع بن ثابت الصحابي) ولقبه جمال الدين وكنيته أبو الفضل، وقد شهر عند المتأخرين باسم " ابن منظور " ونسي ما عد ذلك، واقترنت شهرته بلسان العرب الذي جمع فيه بين صحاح الجوهري ومحكم ابن سيده وتهذيب الأزهري.

وقد ثار في السنوات الأخيرة جدل حول منتمى ابن منظور، أملته النظرة الإقليمية الضيقة، أهو أفريقي أم مصري، حتى قال الأستاذ إبراهيم الأبياري في مقدمته على مختار الأغاني: " ولم يعرض لمكان مولد ابن منظور غير اثنين الزركلي في الأعلام حيث قال: " ولد بمصر وقيل بطرابلس الغرب " ثم الدكتور درويش في كتابه " المعاجم العربية " حيث يقول: ولد في تونس حيث نشأ بها. وما نرى أن كليهما نقل ما نقل عن مرجع بل نراهما قد اجتهدا في لاستنباط، فالمراجع كلها لم تذكر عن هذا البلد الذي ولد فيه ابن منظور شيئاً صريحاً " (١) [كذا] .

ولو تأملت هذا الكلام من جميع هؤلاء الدارسين لتملكك العجب، ودهشت لهذا الذي يجري في الدراسات والتحقيقات، من استنامة إلى السهولة والتساهل؛ مع أن الأدفوي يقول في البدر السافر: محمد بن مكرم الأفريقي المحتد القاهري المولد (٢) ؛ وهذا ابن سعيد يروي نقلاً عن المكرم نفسه والد محمد أنه - أي المكرم - ولد بالقاهرة (٣) ؛ فإذا كان الأب نفسه ولد بالقاهرة فبأي حق يفتش الدارسون عن عبقرية أفريقية (تونسية) لدى ابن منظور؟ ويعود الادفوي في ترجمة " مكرم " - الأب - فيقول: مكرم بن رضوان بن أحمد الأنصاري المصري - ويعرف والده بابن المغربية - قدم جده (يعني إلى مصر) من ناحية (اقرأ من باجة) أفريقية (٤) .

لا لبس إذن: جد محمد المدعو رضوان أو علياً والمكنى بأبي الحسن قدم - كما يقول ابن سعيد نقلاً عن المركم نفسه - من باجة أفريقية، أي مما يسمى اليوم القطر التونسي، واستوطن القاهرة، وبها ولد ابنه المكرم في صفر سنة اثنتين وثمانين وخمسمائة - أي كان أصغر من التيفاشي بسنتين - وسمع المكرم من أبي الجود اللخمي وعلي بن نصر بن العطار وعبد الله بن محمد بن مجلي وأبي الحسن بن المفضل الحافظ المقدسي وأبي عبد الله بن يوسف النقاش، وأجاز له


(١) مختار الأغاني (القاهرة: ١٩٦٥) ، المقدمة على الجزء الأول: ل.
(٢) البدر السافر، الورقة: ١٦٧.
(٣) النجوم الزاهرة (المغرب - قسم القاهرة) : ٣٢٢.
(٤) البدر السافر، الورقة: ٢٠٠.

<<  <   >  >>