للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

خبق كثير منهم البوصيري والخشوعي والصيدلاني وخرج له المحدث أبو بكر ابن مسدي مشيخة بالسماع والإجازة (١) ، وقد كان ذكياً ذا خاطر متوقد وقدرة على الحفظ باهرة، واختبره الملك الكامل في الحفظ لما سمع عن تميزه في ذلك فوجده ربما حفظ أحد عشر بيتاً من سمعة واحدة فسماه " ملك الحفاظ " ثم سماه " رئيس الأدباء " لتمهره في فنون الأدب، وحظي عند الكامل كثيراً، ونال من صلاته ما جعله ذا نعم طائلة، فاقتنى خزائن شتى من الكتب، كان يبذلها للمستفيدين يطالعون ويحصلون (٢) ، وفي أيامه الأخيرة أضر، من غير أن يفارق الخدم السلطانية، وقد كلفه سلطان مصر حينئذ مساعدة عبد الظاهر الأعمى في تذييل كتاب الكامل لابن الأثير (٣) ؛ وقد كان التيفاشي كثير التردد إلى منزله - مع غيره من العلماء والأدباء - وأورد له في هذا الكتاب مقطعات شعرية كثيرة، وكانت وفاة المكرم سنة ٦٤٥/ ١٢٤٧.

وقد خلف المكرم ولدين: حسناً ومحمداً؛ أما حسن أكبرهما فقد ولد بالقاهرة سنة ٦١٣: ١٢١٦، وكان آخذاً في طريقة أبيه، معروفاً بغوصه على المعاني في شعره (٤) ، وله شعر في كتاب التيفاشي، وكانت تربطه بابن سعيد صداقة متينة.

وأما محمد فقد ولد في يوم الاثنين ثاني عشر شهر محرم سنة ٦٣٠/ ٣٠ أكتوبر ١٢٣٢ وأخذ عن أبيه وعن جلة من علماء عصره منهم: أبو الحسن ابن المقير ويوسف بن المخيلي وابن الصابوني وعبد الرحيم بن الطفيل وابن الجميزي ومرتضى بن العفيف والجلال الدمياطي، وتفرد بأشياء، وحدث بالقاهرة، وعمر فأكثروا الحديث عنه (٥) وقال الذهبي أنه تفرد في العوالي. وقد خدم في ديوان الإنشاء بمصر مدة طويلة، ثم ولي نظر طرابلس الغرب (أي قضاءها) وكان يتشيع باعتدال، وله شعر ونثر كثير، وله معرفة بالنحو واللغة والتاريخ والكتابة.

وقد شهر ابن منظور باختصاره للكتب، فاختصر الأغاني وهذبه ورتبه على الحروف، وزهر الآداب للحصري، واليتيمة للثعالبي، والذخيرة لابن بسام،


(١) تاريخ الذهبي ٢٠، الورقة: ٦٤.
(٢) عن الذهبي والبدر السافر وابن سعيد (بالجمع بين ما أورده في نسق) .
(٣) النجوم الزاهرة: ٣٢٢.
(٤) النجوم الزاهرة: ٣٢٣.
(٥) البدر السافر، الورقة: ١٦٧ وابن حجر: الدرر الكامنة (ط. القاهرة) ٥: ٣١ والوافي ٥: ٥٤، ونكت الهميان: ٢٧٥.

<<  <   >  >>