ما غالني عنك أيلولٌ ولذته ... وطيبه ولنعمَ الشهرُ أيلول
الليلُ لا قِصَرٌ فيه ولا طولُ ... والجوُّ صافٍ ورحلُ الكاسِ مرحول
والعودُ مستنطَقٌ عن كلِّ معجبةٍ ... يضحي بها كل سيف وهو مسلول
لكنْ توقع وشك البينِ عن بلدٍ ... تحلُّ فيه فسلكُ الدمع محلول قال ذلك لأنه كان مزمعاً سفراً.
٦٧١ - والخريف عند معاقري الخمر أخو الربيع، لبرد مائه، واعتدال هوائه، وكثرة أزهاره وثماره، واستواء ليله ونهاره، واستطابة المدام، بعد تكرهها في زمن القيظ، وطيب الندام.
٤ - الشتاء:
٦٧٢ - الشتاء جامع لذَّات أرباب النعم، وامتع أوقات ذوى الهمم، لأن فيه تظهر هممهم، وعند هجومه تتبيّن نعمهم، من أنواع المطاعم والمشارب والملابس والمساكن وغير ذلك مما يظهر فيه خلل حال منْ دون طبقتهم، حتى أنه لتجتمع لهم فيه فواكه الصيف والخريف ومشمومات الربيع، ويُمكنهم من الإلتذاذ بالاستكثار من الطعاج والشراب والنكاح، والتنعم بأصناف الملابس مما لا يمكن استعماله في الصيف وحمارة القيظ، فلأجل ذلك يثلبون الصيف ويمدحون الربيع والشتاء والخريف.
٦٧٣ - قال: ولم اسمع في مدح الشتاء كقول أبي هلال العسكري (١) :
لستُ أَنسى منه دماثةَ دَجْنٍ ... ثمَّ من بعده نضارةَ صَحْوِ
وجنوباً تبشرُ الأرضَ بالقط ... ر كما بُشِّرَ العليلُ ببرو
وغيوماً مطرزاتِ الحواشي ... بوميضٍ من البروقِ وخفو
كلما أرختِ الجنوبُ عراها ... جمع القطرُ بين سفلٍ وعلو
وهو يعطيك حين هبَّتْ شمالاً ... بردَ ماءٍ منها ورقةَ جو
واستعار العراءُ منه لباساً ... سوف يمنى من الرياح بنضو
وكأنَّ الكافور موضعُ ترب ... وكأنَّ الجمانَ موضع مرو
(١) من قصيدة له في كعجم الأدباء ٣: ١٣٨ وانظر مجموع شعر أبي هلال: ١٦٨.